مـن فضـــائل التصــوف المغربــي



مـن فضـــائل التصــوف المغربــي

الدكتور أنس عبد الهادي الحسيسن (تطوان)

 

لا يخفى على كل باحث، أن مكانة التصوف كانت ومازالت لها صدى داخل المجتمعات الإسلامية لما له من دور في مد الإنسان بطاقة وجدانية تحرره من أغلال النفس، وإملاءات النزوات والشهوات على الرغم من أن هذا الإرث الروحي يتعرض من حين لآخر لتحريف وتشويه مبادئه المثلى. وتأتي هذه الدراسة بهدف نفض الغبار، الذي قد يطال التصوف وإظهار قيمته الحقيقية، وما قام به من وظائف، وما قد يقوم به، حيث وجد في أرض المغرب الخصبة بفضل ما أفرزته هذه التربة الطاهرة من صلحاء، لا ينكر أي أحد ما قدموه من جليل الأعمال.

 أولا: جذور التصوف المغربي

ظهرت الجذور الأولى للتصوف المغربي من قاعدة الزهد، التي تعد حلقة ضرورية في مسار التطور الارتقائي لبلوغ مقام الصوفية. وقد تولدت هذه القاعدة الزهدية من النص القرآني، الذي يذم الدنيا ويفضل الآخرة ويحث الإنسان على إعداد الزاد لها[1]. كما أن كثرة التعبد التي وسمت متصوفة المغرب، والتي تتعلق بالاستغراق في الصلوات والنوافل وكثرة الصوم والتضرع والبكاء وقيام الليل، تجد مرجعيتها في الحديث القدسي: “وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به”[2]. وتعد تجربة التهامي الوزاني بهذا الخصوص من التجارب، التي اتسمت بالانقطاع للعبادة والتفرغ لله عز وجل، وتأثرت بكتاب الإحياء للغزالي وبتجربته الذاتية، ومنهجه الصوفي القائم على الخلوة والزهد والانقطاع للعبادة مما أضفى على التصوف المغربي الطابع الفردي[3].

لقد ذكر الله أفضل المؤمنين عنده وأعلاهم في الدين رتبة، ودرجة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “العلماء ورثة الأنبياء”. وليس ببعيد أن أولي العلم القائمين بالقسط، والذين هم ورثة الأنبياء، تلك الثلة المعتصمة بكتاب الله، والمتمسكة بسنة رسوله، والمقتدية بالصحابة والتابعين من عباده، وهنا تكمن قيمة المتبصرين في العلوم، وهنا نستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “الناس أكفاء متساوون كأسنان المشط، لا فضل لأحد على أحد إلا بالعلم والتقى”، فكل من أشكل عليه أصل من أصول الدين وفروعه وحقائقه وحدوده وأحكامه ظاهرا وباطنا فلا بد له من الرجوع إلى هؤلاء الأصناف الثلاثة؛ أصحاب الحديث والفقهاء والصوفية.

ويعد العهد الموحدي عهد انتشار للتصوف، وظهور أعلامه الكبار، إذ كان أكثرهم ينتمون إلى الطريقة الجنيدية، الذين مهدوا للطفرة الكبرى للتصوف فيما بعد، أي بعد استفادته من حرية الرأي والتعبير، يضاف إلى هذا العنصر العناية التي أولاها السلطان يوسف الموحدي للتصوف ليصل إلى مداه مع يعقوب المنصور المتوفى سنة 595 ه، وبهذا كان القرن السادس الهجري نقطة تحول  في المشهد الفكري بالمغرب بعد أن ترك أهله مذاهب كانت معروفة حينئذ من اعتزال وتشيع، ومذاهب خارجية وبروغواطية، ليعم التصوف السني القرن السابع، وعن هذه المرحلة قال إبراهيم حركات: “إن القرن السادس فتح قلوب العامة والسلطة للعاطفة الدينية بشكل لم يكن معهودا من قبل”[4]. والحال، أن المشهد الصوفي قوته توجهات الشرفاء والفقهاء والصلحاء، الذين كانوا يحظون باحترام الشعب وهم يسيرون على خط التصوف السني الإسلامي، بالنظر إلى أن طبقة الصوفية السنية والصلحاء تبقى قريبة من الفئات الدينية للمجتمع، تشارك همومه، وقضاياه الدينية. وعلى الرغم من أن التصوف بالمغرب ربما خفت إشعاعه في بعض الأوقات، إلا أن التصوف بالمغرب ظل شامخا، وكان في مجمله مُستنِدا إلى السنة، فجذوره إسلامية سنية، وفي هذا الصدد قال عبد العزيز بن عبد الله: “إنه قطعة من التصوف الإسلامي العربي”[5].

ولتوضيح مسار التصوف المغربي، والأشواط التاريخية، التي قطعها، خلص علال الفاسي -بعد أن درس التصوف المغربي- إلى ربطه بشخصيات فذة، حيث قسمه إلى أربع مراحل بعد أن كان مقسما إلى ثلاثة أقسام:

  • من عهد الجنيد وأبي يزيد إلى عهد عبد القادر الجيلاني[6].
  • من عهد أبي مدين وعبد السلام بن مشيش إلى زمن الشاذلي في القرن السابع الهجري.
  • من عهد الشاذلي إلى عهد الجزولي.
  • من عهد الجزولي إلى وقتنا الحاضر.

وتأسيسا على ما سبق، فإن البداية التاريخية للتصوف بالمغرب، انطلقت مع أبي القاسم الجنيد (ت297ه)، فهو أول رواد التصوف وصاحب أول محاولة للتوفيق بين التصوف وتعاليم السنة، وإليه يعود الفضل في إغناء الفكر والثقافة الصوفية الإسلامية.

إن الدراس للفكر الصوفي السني المغربي يرى أنه اتخذ موقعا وسطا في توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي الإيمان برسله وكتبه وشرائع دينه، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث لم يجعل الخالق سبحانه وتعالى متصفا بخصائص المخلوق ونقائصه، ولا المخلوق متصفا بخصائص الخالق عز وجل، الذي ليس كمثله شيء، فهو وسط في باب صفات الله، يصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه أنبياؤه من غير تعطيل ولا تشبيه، إثباتا لصفات الكمال وتنزيها له عن أن يكون له أنداد، مستندا إلى النص القرآني: ﴿ليس كمثله شيء﴾[7]. وبهذا ظل التيار الصوفي المغربي يتميز ببساطته وفطرته في مجال العقيدة، يقدم القطعي على الظني، والثابت بالنص على الثابت بالاجتهاد والمتفق عليه على المختلف فيه، وبقي مرتبطا بالفقه والحديث والمذهب المالكي، مبتعدا عن السجال في القول بنظرية الحلول ووحدة الوجود وغيرها من التعقيدات الفكرية، التي وقع فيها الحلاج وأتباعه. كما بقي متحصنا من التطرف العقدي، الذي برز واضحا عند من اعتبروا أنهم محل إلهام يتلقونه مصدرا لمعرفة الأحكام.

والحقيقة، أن التصوف المغربي ظل يتجه نحو المعنى الأخلاقي السلوكي بعيدا عن المنحى الفلسفي الإشراقي العرفاني، وهذا الجانب السلوكي من التصوف يطلق عليه الكثيرون مصطلح “التصوف السني”، وهو جانب رأت فيه منال عبد المنعم جاد الله، أن له مكانته، يسعى الكافة إليه اتباعا لتعاليم القرآن والسنة[8]، وهذا يبدو جليا في كتابي “التشوف” و”دلائل الخيرات” على سبيل المثال لا الحصر.

ثانيا: مميزات التصوف المغربي

1- وسطية التصوف المغربي

ظل التصوف المغربي بمنأى عن التفلسف والشطحات، التي تعج بها بعض كتب التصوف، لاسيما بعض الأشكال من التصوف المشرقي، الذي كان غارقا في التجريدات الفلسفية، غير أن هذا الشكل من التصوف في مرحلته المبكرة ساهم في ضخ أفكار معتدلة، وزاد نموه مع المذهب المالكي في ترسيخ جذور هذا الاعتدال، وهو ما جعل رجاله يبتعدون عن الغلو في الفكر والسلوكيات المتطرفة. وبقيت ثنائية الفقه والتصوف تحصن الفكر الصوفي ضد أي اختراق للتطرف الفكري، ويظهر هذا في أعمال كثير من المتصوفة، وهم يصرون على أن يجمع المتصوف بين الفقه والتصوف.

لقد رأى رجال التصوف أن التشبث بالوسطية يمثل منطقة الأمان والبعد عن الخطر، فالأطراف تتعرض في الغالب للخطر والفساد، بخلاف الوسط، الذي يظل بمنأى عن كل اعوجاج، وبذلك تفادوا ما وقع لبعض متصوفة الأندلس، الذين تأثروا بالتراث اليوناني، خاصة فلسفة أفلاطون وأرسطو، التي ترجمت في المشرق ثم نقلت إلى الأندلس، وبفلسفة الفارابي وابن سينا وإخوان الصفا والمعتزلة، وتسربت إليه قواميس ومصطلحات جديدة كوحدة الوجود، التي تعني أنه لا فرق بين الخالق والمخلوق، وأن الكون وما فيه هو الله تعالى، وهو الكون، ومقولة الاتحاد، التي تعني أن الله يتحد مع من شاء من أوليائه فيصبح الولي هو الله والله هو الولي. كما وجدت نظرية الحلول موطئ قدم لها، التي تعني أن اللاهوت يحل في الناسوت، وأن الروح الإلهية تحل في البدن البشري، وبذلك نهج التصوف المغربي طريقا مغايرا لهذا الفكر الصوفي البعيد عن الحقائق الشرعية، التي كان عليها أئمة السلوك في المغرب. وعلاوة على ذلك، تجنب أهل التصوف بالمغرب الغوص فيما خاض فيه بعض متصوفة الأندلس في مجال الباطنية واستعمال علم الجبر وحساب الجمل والسعي لتطبيقها على نصوص القرآن.

ونورد في هذا الصدد ما ساقه إبراهيم القادري بوتشيش عن الولي أبي محمد العزيز التونسي (ت486ه)، الذي درس الفقه بمدينة أغمات، وجعل مجموعة من خريجيه يتقلدون المناصب، فلاحظ وقوع تلاميذه في أخطاء تتعلق بحكم الربا، وهو ما دفعه بأن يتدارك الموقف آمرا تلاميذه بالعودة إلى رعاية المحاسبي الزاهد البصري، وهذا ما صنف بالدعوة إلى الوسطية، وترك الماديات الدنيوية، التي توقع بصاحبها في المكروه[9].

وصفوة الكلام أن متصوفة المغرب مقارنة مع نظرائهم بالأندلس تبين أنهم نأوا بأنفسهم عن الانحراف الفكري الذي سقط فيه بعض المنتسبين إلى التصوف بالأندلس، فكانت مواقفهم بما فيها السياسية تعتمد على الوسطية والاعتدال، وإصلاحها لا يستقيم إلا عن طريق احترام رموزها المذهبية، وترشيدها بالإشارات والإيحاءات والطرق السلمية بالابتعاد عن توظيف الفكر المتطرف، أو استعمال خاطئ للعنف، وهكذا عندما  كانوا ينتقدون السلطة السياسية لم يبالغوا في الأحكام والتنظيرات الفضفاضة، والتزموا بالقاعدة السنية وعدم المغالاة، واقتصروا على التصوف القلبي المختص بالرقائق، وانتقدوا التطرف الفكري البعيد عن عقول العامة[10].

2- العدالة والسلم الاجتماعي

اقتبس الفكر الصوفي المغربي مبدأ العدالة، وجعله عنصرا جوهريا ومن أهم عناصر الإسلام. والمتفحص لسير المتصوفة المغاربة، يلمس تعلقهم بالعدالة في سلوكياتهم، ويعتبرونها لبنة لإقامة السلم والتوازن داخل المجتمع، لذلك كانوا يرفضون الظلم والطغيان بهدف تحقيق مقاصد العدالة، لكن بطرق سلمية بعيدة عن كل أشكال الغلو والتطرف. لقد كانت مناهضة الظلم والجور من المبادئ الأساسية في حياتهم، فكانوا يعملون على توظيف “حكمتهم السياسية” لتليين المواقف المتطرفة. فالولي لم يكن متشبثا بكرسيه العاجي بل كان يحضر داخل أفراد المجتمع ليعايش مشاكل الناس، ويقرأ مشاعرهم، ويسعى إلى إقرار العدالة بنهج التوسط، حيث كان تارة يقوم بدور المحكم والوسيط والمصلح بين الدولة والرعية، وتارة أخرى يتوسط بين الناس والقبائل لحل نزاعاتهم، وبتوظيف مبدأ العدالة، الذي كان ركنا يتبناه المتصوفة الذين نجحوا في إعادة السلم الاجتماعي سواء بين القبائل، أو الدولة والمجتمع مستشهدين بالآية الكريمة التي تنص على إصلاح ذات البين، قال تعالى: ﴿يسألونك عن الأنفال، قل الأنفال لله وللرسول، فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله، إن كنتم مؤمنين﴾[11].

إن مبدأ العدالة والشهود، هو ما خول للولي قدرته على الحكامة، لاسيما إذا جمع الصفات، التي تجعله حكما وشاهدا مثاليا، فشخصيته تعطي توليفا بين القداسة والولاية إلى جانب السلطة الروحية والمعنوية والتربوية الأبوية.

ولترسيخ هذا المبدأ لم يتأخر متصوفة المغرب في الدفاع عن العدل ومناهضة كل أنواع الطغيان بتبني طرق سلمية وبأسلوب هادئ حتى يضمن ولاء الفرد للدولة وتفادي الصراعات والفتن. وفي هذا السياق كان لرجال التصوف خطاب رزين وهادئ يجمعون فيه بين توظيف إيحاءات الكرامات الصوفية، أو بالدعاء على الظالم دون تجريح مباشر أو استعمال للغة انفعالية يشم منها التطرف. ولعل هذه الطريقة، أدت ببعض الحكام إلى أن يدخلوا السلك الصوفي[12]، وبذلك حافظ التصوف السني المعتدل على الوحدة السياسية من خلال ما قام به المتصوفة من دور بارز لتقوية الصفوف الداخلية والروابط الاجتماعية بين القبائل المغربية وإشاعة السلم السياسي والاجتماعي بينها، وهو ما رفع من قيمة الخطاب الصوفي باعتباره خطابا موحدا يدافع عن التعاون وإرساء وحدة الصف بدل التفرقة والتشرذم.

وإذا كانت العدالة هي من أولويات رجال التصوف، فإن ذلك ما كان ليتحقق لولا ما امتاز به رجال الصلاح من تسامح في المعاملات والتفكير دون تمييز بين الأجناس والأعراق والطبقات الاجتماعية، مستندين على النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، التي تدعو للتعارف والعفو والتسامح. فالتسامح الصوفي هو نتيجة وسطية فكرهم، وثمرة لتعامل يهذب سلوك الإنسان، ويربي فيه قيم الحرص على التعايش مع الأفكار، مما يساعد على إنتاج فضاء مشترك يقبل رأي الآخر على الرغم من الاختلاف معه من أجل بناء مجتمع متعدد الرؤى، يومن بمسألة اختلاف الشعوب والأمم. ومما لا شك فيه أن محبة الله من متصوفة المغرب، قوت من وشائج تبني مبدأ التسامح في الحياة واحترام المخالفين، لأن حق الاختلاف يعبر عن الوسطية حين نكون أمام تيارين متقابلين.

إن مبدأ التسامح والانفتاح كان من شيم رجال التصوف، حيث لم ينفتحوا على أفراد المجتمع الإسلامي فقط، وإنما كانوا على تواصل مع الأقليات الدينية من يهود ومسيحيين، فكانوا يدعونهم في عدة مناسبات، خاصة الدينية منها، وهذا يدل على البعد الفكري والثقافي، الذي كان من مميزات رجال الصلاح.

 3- ارتباط التصوف المغربي بالعمل

ومن مميزات التصوف المغربي، كونه بقي بعيدا عن الرهبانية والانعزال عن الحياة، مرتبطا بالواقع والعمل والمعيش اليومي؛ ذلك أن سماته العملية والواقعية جعلت من الإنسان الصوفي غير متفرغ للعبادة فقط، بحيث لا يبتعد عن وسائل العمل. وهناك العديد من المتصوفة كانوا من الحرفيين والمزارعين والرعاة والمدرسين والصيادين، وحتى من أرباب الوظائف.

والناظر لأهل التصوف يستنتج وسطية الفكر الصوفي، حيث لم يرضخ للاتكالية، أو البحث عن نفوذ اقتصادي، فقد كان يسخر الإمكانيات المتواضعة، التي يحصل عليها من عرق جبينه لإحياء مجالات الأرض الموات وعمارتها، وغرس الأشجار واستنباط المياه، والمشاركة في الأوقاف والإشراف على أمن الأسواق ورعايتها، وتعمير بعض المناطق والربط بينها في عملية التبادل التجاري واستثمار مكانته في تأمين حركة القوافل التجارية. وعلى هذا الأساس، فالوظيفة الصوفية ارتبطت بسياقات معيشية فاعلة تجعل من تاريخ التصوف المغربي تاريخ مجتمع ديناميكي متحرك، يتحمل فيه الولي، أو شيخ الطريقة مسؤولية تلبية حاجات الزاوية وروادها، ولا تتاح له المشيخة إلا إذا تميز بمجموعة من الصفات أهمها حماية الناس، وحل مشاكلهم ورعاية مصالحهم[13].

4- الذكر والخلوة والكرامة

يعتبر الذكر من أهم أسس السلوك الصوفي المغربي، يستمد شرعيته من روح القرآن الكريم، ذلك أن كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، هي عمدة الذكر، وردت في النص القرآني ضمن آيات عديدة تحث عليه[14]، وهذا ما جعل القشيري وهو من أقطاب التصوف يدافع عن الذكر، واعتبره ركنا قويا في طريق الحق، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر[15]. وفي نفس السياق أورد عبد الوهاب بوعافية، فصلا خصصه لما ورد في فضل الذكر مستندا إلى مجموعة من الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الصحيحات[16].

ومن المسائل، التي اتخذت أشكالا متعددة في التصوف المغربي الخلوة والانزواء من خلال المجاهدة؛ حيث عمد رجال التصوف إلى الاعتكاف في الكهوف والبيوت وغيرها من الأشكال، التي تبيح للسالك مغالبة نفسه واستقصاء ما فيها من شوائب وتطهيرها حتى تصفو وتنجلي، فالمجاهدة هي الطريق الذي يصل الإنسان بربه، وهي بتعبير آخر تروض النفس المتمردة حتى تصبح منصاعة لخالقها. وتتجلى هذه المجاهدة أيضا في قوله تعالى: ﴿والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين﴾[17].

جانب آخر من مكونات التصوف المغربي، يظهر فيما يخص العشق الإلهي، فهو مبدأ قرآني بامتياز سعى متصوفة المغرب إلى تجسيده على أرض الواقع، وجعلوا من الحب الإلهي مدرسة تؤسس لعلاقة قوية وحميمية بين الإنسان وخالقه.

وتكشف كتب المناقب أن المشهد الصوفي امتاز بمجموعة من الكرامات التي وجدت دلائلها في القرآن رغم أنها تعاكس العقل أحيانا، حيث تؤكد هذه الكرامات تسييجها بالدين الإسلامي وتراثه سواء تعلق الأمر بصحة المشي في الهواء أو طي الأرض، أو غيرها من الكرامات، التي وطنها الفكر الصوفي المغربي في دائرة المتن القرآني[18]. ومن المعلوم أن عددا من الأولياء والصلحاء كانوا من فطاحل العلماء، يصنفون في مرتبة ورثة الأنبياء، بل تميز هؤلاء المتصوفة إلى جانب علمهم بكراماتهم، التي اعتبروها هبة ربانية يهبها الله للصلحاء بعد انقطاع معجزات الأنبياء، لذلك جسدوا استمرار الوسطية النبوية بصفتهم ورثة الأنبياء بعلمهم من جهة، وأولياء من جهة أخرى. وحين أسسوا طرقهم وزواياهم لم يخالفوا المنهج النبوي، بل جعلوا اتباع السنة شرطا من شروط الانتماء إلى مذهبهم. وقد عمل ابن الزيات على إبراز ملامح السنة والأحاديث النبوية، التي تحيل على معاني الولاية والصلاح والذكر[19]. وذهب ابن تجلات إلى الأمر نفسه، مبرزا أن كل تصوف ابتعد عن مصدر الكتاب والسنة وسيرة الصحابة والخلفاء الراشدين يعد خارجا عن خصوصية التصوف المغربي، وفي هذا السياق قال: “من لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في التصوف؛ لأن منهجنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة”[20].

ولابد من التذكير هنا بأن ابن قنفذ كان متشبعا بثقافة الكرامات ودافع عنها، وأصدر فيها كتابه، وفي هذا الصدد كانت له مراسلات مع ابن عاشر، مجيبا إياه من أن الكرامة لا تنقطع بموت صاحبها بل تستمر بعده[21]. وهو إلى جانب ذلك حرص على إبراز الهوية الجنيدية للتصوف المغربي في منظومته، التي أكدت على الثالوث المكون لبنية الفكر الصوفي المغربي: القرآن والسنة والإجماع، وما عدا ذلك فقد اعتبره خارجا عن دائرة الممارسة الصوفية الشرعية في المغرب[22].

ويعد المتصوف أبو مدين شعيب من الذين ركزوا على ثنائية التقوى والزهد، فكتابه “أنس الوحيد ونزهة المريد”، يفيض بالحكم المعبرة عن السلوك الأخلاقي والبيداغوجية الصوفية، وقد كان شديد التأثير في تلاميذه من خلال نهجه طرق الإقناع والقدوة النموذجية[23]. ومما خلص إليه إبراهيم بوتشيش في هذه القضية أن السلوك هو الجانب البارز لدى متصوفة المغرب؛ فالسالك طريق التصوف لا يبلغ الكمال إلا بالاستقامة والتخلي عن صفات الرذيلة[24].

وتعتبر الطريقة من المدارس السلوكية للتصوف، حيث تجعل من أصول القرآن والسنة منهاجا لها في السلوك التربوي والأخلاقي، وما أعلى من قيمة شيخ الطريقة هو تأطيره للمنتسبين إليه تأطيرا خاليا من كل الشوائب؛ فالشيخ ضروري في أي علم من العلوم وهو بمثابة المرشد الكامل، الذي سلك الطريق وعرف مداخله ومخارجه وعرف مكائد الشيطان وما يصيب النفوس من آفات ووساوس. وقد عمل الأدب المناقبي سواء في المغرب، أو في بلاد الإسلام عامة على ذكر مناقب الشيخ أو الولي، الذي شبه بالأم المرضعة.

ومما يتطلب في مواصفات الشيخ أن يكون رجلا محنكا، بصيرا بعيوب النفس، مطلعا على خفاياها حتى يتمكن من الارتقاء بالمريد من مقام إلى آخر حتى يتدرج المعراج الصوفي بدءا بالتوبة وانتهاء بالمشاهدة[25]. والملاحظ أن الجانب السلوكي الأخلاقي هو الغالب في التصوف المغربي، كيف لا، ومتصوفة المغرب تشبعوا بعمق بالمدرسة الجنيدية، التي قال عنها مؤسسها: “الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول وتبع ولزم طريقته”[26].

وصفوة القول، إن منابع التصوف المغربي تجسدت في المرجعية القرآنية والسنة النبوية والنهل من آراء الجنيد الذي يعتبر رائد التصوف الأخلاقي، مما جعله تصوفا سنيا بامتياز، ماسكا بمنهج الوسطية، الذي سار على هديه المنتسبون إليه في زمن كان يعج بالبدع والاتجاهات الفكرية المتطرفة، التي انتشرت خلال القرون الأربعة الأولى من تاريخ الإسلام بالمغرب، والتي ستترك مكانها لرجال التصوف الذين حافظوا على صفاء القلوب، ومن أبرزهم أبو الحسن الشاذلي، الذي كانت مدرسته من أعظم وأقوى المدارس تأثيرا، إذ تجاوزت حدود المغرب.

 ثالثا: التأثير الشاذلي في التصوف المغربي

تعتبر الطريقة الشاذلية من أهم الطرق الصوفية في العالم الإسلامي لكثرة أتباعها، واعتدالها، والتزامها بالكتاب والسنة، وكذا لقربها من حياة الناس وارتكاز مبادئها وأسسها على علمي الظاهر والباطن؛ وهو ما أهلها للقيام بالأدوار العلمية والتربوية والإصلاحية.

ومنذ أن ظهرت الشاذلية وهي تعرف انتشارا سريعا شرقا وغربا، حيث انفتحت على جميع المتصوفة على اختلاف توجهاتهم ومستوياتهم العلمية والاجتماعية من علماء، وصناع وحرفيين وتجار..

وإذا كانت هذه الطريقة قد أرخت بظلالها على باقي الطرق الصوفية بالمغرب، ورجال التصوف فإنه لا بد من التعريف بمن كان له الفضل في إبراز هذه الطريقة داخل الساحة الروحية بالمغرب بفضل أبي الحسن الشاذلي.

وتذكر المصادر المغربية أن الحسن الشاذلي ولد في بلدة اشتنواغل بقبيلة الأخماس السفلى بشمال المغرب سنة 571ه[27]، كما تتحدث عن ارتباطه ببلدة شاذلة في تونس التي طالت إقامته فيها، وهو المكان الذي قصده الناس من الأماكن البعيدة والبلدان المجاورة[28]، مستندا في ذلك على توجيه من شيخه ابن مشيش بضرورة تربية المريدين واستقطاب الأتباع والعمل على نشر الطريقة، التي ظلت تعرف بالشاذلية نسبة لصاحبها المغربي مولدا ونشأة وتكوينا.

وأظهرت بعض التراجم، أن سيرته مرت بأربع مراحل؛ أولها تتمثل في مرحلة النشأة بمسقط الرأس في الشمال المغربي، وهي أهم مرحلة في حياته، ففيها حفظ القرآن الكريم، واستظهر المتون العلمية المختلفة، ليتلقى فيما بعد العلوم الإسلامية على شيوخ بلده وقتئذ، من علوم قرآنية وحديثية وفقهية ولغوية، وهذا ما أشار إليه ابن ميمون الغماري أحد رجالات تصوف القرن التاسع الهجري المتميزين، حيث نبه على أن مستوى التعليم والتكوين كان جيدا بهذه المنطقة مما ساعد الشاذلي على أن يتعمق في العلوم الدينية.

وفي المرحلة الثانية من حياته تطلع إلى العلم الباطني وتشوف للقاء شيخ التربية، وظهر ميله للخلوة من أجل التأمل والعبادة والمجاهدة، فقيض الله له لقاء الشيخ الواصل المرشد أبي عبد الله محمد بن حرازم (ت633ه)، وهو لم يغادر المغرب بعد فصاحبه وانتفع به ولبس الخرقة الصوفية تبركا، ومع ذلك ظل مشرئبا إلى التزود من علوم الأسرار الباطنية والدخول في طريق القوم.

لقد ألم الشاذلي بفقه العبادات والعلوم الظاهرة، الشيء الذي مكنه من الانتساب إلى القوم؛ إذ من القواعد المرعية في هذا الباب أنه لا تصوف إلا بفقه، ولا تعرف أحكام الله الظاهرة إلا منه، ولا فقه إلا بتصوف، إذ لا عمل إلا بصدق التوجه. وللإشارة، فعلم الظاهر والباطن متلازمان في التصوف السني بالمغرب، والشاذلي لم يشذ عن ذلك.

أما المرحلة الثالثة من حياة الشاذلي فبدأت بعد رجوعه من السياحة طلبا للقاء القطب، فزار تونس ومصر والحرمين الشريفين والعراق… وهذه المرحلة اعتبرها الحسن الشاهدي من أهم المراحل بالنظر إلى كونها اتسمت ببناء شخصيته وإرواء عطشه للمدد الروحي، وهو ما وجده قريبا من مسقط رأسه، إذ اهتدى إلى شيخه الروحي القطب الغوث عبد السلام بن مشيش الحسيني، الذي وجد فيه المجيب عن أسئلته المختلفة، خاصة وأنه لازمه، فاقتدى به في تمسكه بالكتاب والسنة وعلمه بهما، متشبعا بآرائه  وتوجيهاته وأقواله، وغيرها، والقصد ما يرشد إلى دعائم الطريق، التي ينشدها التلميذ المتمثلة في الانقياد الكلي إلى المعبود، والتزام العمل الدؤوب على هدي من الشريعة السمحة، وتجنب الشطحات، التي قد تبعد عن الجادة وتنحرف بأصحابها عن الطريق الواضح العملي الموصل إلى الحضرة الإلهية[29].

وتبدأ المرحلة الرابعة، بتوديع الشاذلي لشيخه ابن مشيش، الذي تأثر به من خلال خدمة المجتمع عن طريق ممارسة ما كان يلزم من إصلاح ديني واجتماعي، حيث كان يلج عليه عديد من المسترشدين للإنصات إلى وصاياه ونصائحه، وهذا بطبيعة الحال، سينعكس على تكوين أبي الحسن الشاذلي[30].

إن من أهم ما ميز الشاذلي تفرغه للعبادة، وانتصابه للتدريس والإرشاد، وتربيته للمريدين، وتأطيره للأتباع في ترؤسه لمواكب الحجيج… وفي تونس تفتق عطاؤه، وعلى الرغم مما حيك له من مؤامرات، فإنه تغلب على جملة من الصعوبات والدسائس والابتلاءات، وعن هذه المرحلة، قال الحسن الشاهدي: “إن الفضاء العلمي بتونس انفتح له، واتسعت مؤسساته للشيخ وأصحابه، إذ اجتمع إليه الفقهاء والعلماء والمتصوفة معا للاستفادة منه في الشريعة والحقيقة”[31].

وقد لقي نزول الشاذلي بتونس ترحيبا من أهلها جميعا، إذ وفد عليه الشيوخ والمريدون، واختار جماعة من الفضلاء صحبته ولازمت مجالسه، لكن ذلك لا يعني تحرك تيار مضاد له يحذر فيها حاكم تونس من أمر الشاذلي، فكانت وجهته نحو مصر، التي حظي فيها بالعناية والتوقير، ليلاقي مؤامرة جديدة في حقه، غير أنه في آخر الأمر لم تنل منه بتوفيق رباني وكرامات وخوارق، مما يظهر مكانة هذا المتصوف القادم من المغرب، البلد الغني برجال الصلاح، الذين ذاع صيتهم، وفرضت مكانتهم الروحية والعلمية أن يكونوا محل ترحاب أينما حلوا وارتحلوا.

وفي مصر، كانت إقامة الشاذلي غنية مثمرة، رسخ فيها طريقته ومشروعه التعليمي التربوي من خلال مجالسه العلمية، وحلقاته التعليمية، وأنشطته الروحية والاجتماعية والجهادية، وخلال ثلاثة عقود بمصر، اتسم نشاطه بالانفتاح على موائد العلم والتدريس، فركز على مواضيع اتسمت بالتنوع والتسامح والاعتدال، وحضر مجلسه علماء وأعيان وسادات العصر، وشهدوا له بعلو كعبه في المعارف الإلهية، وكلهم شهدوا بولايته وخصوصيتها وأخذوا عنه العهود والأوراد، وكانوا يحضرون معه في مجالس الذكر، والسماع، ويتبركون به[32]. كل هذا يؤكد مميزات التصوف المغربي الذي يستند على الوسطية، والقرب من المجتمع؛ فالشاذلي كان يحرص على أن يشارك الناس مختلف همومهم الدينية والدنيوية، مكرسا حياته للاهتمام بقضايا المجتمع، ساعيا لنصرة المظلوم ورد الحقوق لأصحابها، موظفا مكانته. كما تعبأ من أجل دفع الأذى وإبعاد الخطر، الذي قد يتهدد المجتمع أو العقيدة.

لقد صار الشيخ علما مفردا في الديار المصرية، وأطلق عليه مجدد علم السلوك والإحسان، حيث تشير بعض المصادر إلى أنه لم تبق بقعة من بقاع مصر إلا وفيها خليفة من خلفائه أو جماعة من أصحابه، يقتفون آثاره ويسلكون طريقه[33].

وبفضل الحضور القوي لأبي الحسن الشاذلي بمصر، تقوت في هذه المرحلة صلات بين المشرق والمغرب، وعرفت انتعاشة وتلاقحا، وامتدت جسور التعاون والتشاور رسميا وشعبيا بالتراسل، وتبادل الهدايا، وبعث السفارات وتسيير أسفار الحجاج المغاربة، وتأمين تنقلاتهم، وبذلك نشطت الرحلة في الاتجاهين لطلب العلم، وإسناده وجلب الكتب والسياحة الصوفية والعامة[34].

ومن الطبيعي أن يترك المترجم له أقوالا ومؤلفات ورسائل، وهي جديرة بالتذكير، ومما عرف عنه من أقوال:

  • التصوف تدريب النفس على العبودية وردها لأحكام الربوبية.
  • إذا ورد علي وارد من جهة الحقيقة فلا أقبله إلا بشاهدين عدلين، وهما الكتاب والسنة.
  • إذا لم يواظب الفقير على حضور الصلوات الخمس في الجماعة فلا تعبأن به.
  • من دلك على الدنيا فقد غشك، ومن دلك على العمل فقد أتعبك، ومن دلك على الله فقد نصحك.

وفي جانب الوصايا قال أبو الحسن الشاذلي:

  • اتق الله في الميل إلى الدنيا صورة وتمثيلا.
  • عليك بالاستغفار، وإن لم يكن لك ذنب، واعتبر باستغفار النبي صلى الله عليه وسلم بعد البشارة واليقين بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر، هذا في معصوم، فما ظنك بمن لا يخلو من الذنب والعيب في وقت من الأوقات.
  • إذا أردت الوصول إلى الطريق التي لا لوم فيها، فليكن الفرق في لسانك موجودا، والجمع في سرك مشهودا.

وفي صنف الأذكار والأوراد، خلف أحزابا وأدعية وتصليات، وتحتفظ لنا مؤلفات مريدي الطريقة وأتباعها بنصوص كثيرة في المناجاة والأدعية والأوراد والتصليات والتسليمات، وأحزابه الكثيرة، كما له أقوال وتوجيهات ووصايا في الآداب والموضوعات الصوفية، وهذا ما يتلمس في تراثه من خلال ما ألفه تلاميذه ومريدوه وأتباعه عنه.

إن المتفحص لحياة الشاذلي، يستنتج أنه لم يكن شديد الحرص على تأسيس طريقة يستقطب فيها الأتباع والمريدين، بل اكتفى بوضعه الإطار التربوي الصالح، الذي يتسع للجميع دون ترغيب أو إكراه، وجل أقواله ووصاياه تتمحور حول ركيزتين مهمتين؛ هما العلم والعمل، ومرجعيته تكمن في مجموع ما زوده به شيخه في الصحبة والاقتداء ابن مشيش، وشيخه في التبرك والخرقة ابن حرازم؛ مما وسم الطريقة بالاعتدال والوسطية، وجعلها تضم الخاصة والعامة، وتقف جسرا بين علوم الظاهر والباطن، وتصل بين الشريعة والحقيقة، وهو في واقع الأمر يعد من دعاة التصوف السني العلمي، الذي يقوم -في نظره- على أربع خصال؛ وهي الذكر، والتفكر، والفقر، والحب، وكلها عناصر تؤدي بصاحبها إلى الفوز في الحياة الدينية والدنيوية[35].

وتحسن الإشارة، إلى أن الشاذلي لم يرغب في تأسيس الزوايا والرباطات لتكون حضنا للمريدين، بل جعل من المسجد المكان الأفضل حتى يحرص على تأدية الفريضة من جهة ومن جهة أخرى ليكون أقرب إلى أسئلة وهموم ومشاكل المجتمع، اعتبارا لمكانة المسجد في الإسلام، وهو ما يؤكد أنه اتبع ما يعرف حاليا ب “سياسة القرب”، وهو المنهج الذي سلكه كل من سار على خطوات مدرسته.

رابعا: نماذج من أعلام التصوف المغربي

إذا كان المشهد الصوفي بالمغرب قد طبعه روح الاعتدال والوسطية، فإن ذلك ما كان ليكون لولا أن التربة المغربية أنتجت صلحاء ذاع صيتهم خارج أرض المغرب، خاصة في فترات دقيقة من تاريخه. ومن المعلوم أن التصوف المغربي السني ركز على العبادة والابتعاد عن زخرف الدنيا، وتحول هذا الأمر عند الصلحاء إلى المطالبة بالفعل الجهادي ضد النفوذ الأجنبي المهدد لوحدة المغرب[36] حينما كان البلد يواجه خطر احتلال أراضيه من دول كانت لها أطماع متعددة في المغرب. ورغم ما عاشه البلد من مؤامرات، إلا أن التصوف المغربي اعتبر أن مرحلة نهوضه كانت في منتصف القرن التاسع الهجري، ساعدته في ذلك ما اضطلعت به الزوايا والرُّبط من مهام بالإضافة إلى ما شاع بينهم من التراث الصوفي الشاذلي المتمثل في المؤلفات والرسائل والأذكار والوصايا[37]. وما تبوأه تصوف القرن التاسع الهجري من مكانة، كانت المدرسة الشاذلية ملهمة له، ونستحضر بعض الأسماء، التي أثثت الفضاء الصوفي بالمغرب.

– الشيخ الجزولي

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الجزولي[38]. ولد بجزولة إحدى قبائل سوس الكبيرة، التي أنجبت الكثير من الشخصيات العلمية والدينية، وحملت طريقته اسم الجزولية، وتعرف بالطريقة الجزولية الشاذلية. يعود الفضل في اختياره للتصوف كمنهج في حياته لكل من الشيخين محمد عبد الله أمغار بتيط من دكالة، وعبد الرحمن الرجراجي دفين شيشاوة. وقد انقطع للخلوة مدة أربعة عشر عاما، وبعد هذه المدة عمل على نشر طريقته من خلال نشر العلم.

اشتهر الجزولي بأحزابه وأذكاره وتصلياته أكثر مما اشتهر بكتاباته في مجال التنظير الصوفي، وهذا لا يعني أن المترجم له لم يهتم بالكتابة وإنما ضاع كثير مما كتبه. وتتمثل أحزابه المشهورة في حزب الفلاح، وحزب سبحان الدائم، ثم دلائل الخيرات المتكون من سبعة أحزاب. ولم يكن اهتمام الجزولي بتأليف مجموعة من الأحزاب سوى إشارة على واقعيته، حيث عني بالجانب التطبيقي من التصوف أكثر من اهتمامه بالتنظير والمناقشة الفلسفية[39].

لقد حث الجزولي في أقواله وشروحه على جوانب التلقين والتربية لينشئ مريدين يلتزمون بترديد الأحزاب والأذكار طيلة أيام الأسبوع، بأسلوب سلس، يصل إلى الجميع مما جعل طريقته تنتشر وتتطور بحكم منهجها السني ومحافظتها على كثير من أسباب التوازن بين الشريعة والحقيقة. وعنه قال حسن جلال: “كان تركيز الجزولي في مقالاته على تلقين المريد أحكام الشريعة ومعرفة الخالق وتوحيده، والإسلام وأركانه وقواعده، والإيمان بشعبه وتطوره إلى مرحلة الإحسان[40].

إن من أهم الملاحظات، التي نستحضرها في حياة هذا الشيخ، أن طريقته كانت صلة وصل بين الشاذلية والمشيشية، واعتبرت تجربة مغربية أصيلة في الفكر الصوفي المغربي[41]، ثم إن حركته لم تكن بعيدة عن قضايا المجتمع، فالأحداث تطلبت منه أن يعبئ مريديه ويحسسهم بالخطر المحدق بتراب المغرب مما يظهر أن مبادئه في التصوف عمل على ترجمتها إلى واقع حي وسلوك ملموس، شهد له بذلك أعداؤه قبل مناصري طريقته[42].

– الشيخ أحمد زروق

تعد الطريقة الزروقية من الطرق المرتبطة سندها بالشاذلية والقادرية، وتنسب لأبي العباس أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي، المعروف بزروق، أحد أعلام الفقهاء الصوفية المشهورين في العالم الإسلامي[43]. ويعتبر مؤسسها قمة في العلم والمعرفة، كان متبحرا في العلوم المختلفة، جامعا بين الفقه والتصوف، وكان من أقطاب التصوف في عصره، قاوم كل الانحرافات التي عايشها ممن سلكوا طريق التصوف. ويهمنا الحديث هنا عن الوقوف على الأسس الفكرية للشيخ زروق ومجال عمله.

لقد ارتكز مفهوم الإصلاح الصوفي عند زروق على جملة من الأسس والقضايا، نجملها في النقط الآتية:

  • الاعتماد المطلق على الكتاب والسنة.
  • الاعتدال في الدين والدنيا.
  • احترام الفكر الآخر في مجال التصوف، لكن مع الابتعاد عن الغلو.
  • ممارسة التصوف في جو نظيف خال من كل انحراف وتشويه.
  • أهمية الذكر بالصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، على اعتبار أنها تثير حرارة الطبع.

وبالجملة، فإن الشيخ زروق لم يكن هو الآخر بعيدا عما تعانيه الساحة السياسية والاجتماعية من أحداث ومظاهر، لم يكن مقتنعا بها وكانت محل رفض منه، لأنها خارجة عن الكتاب والسنة، لاسيما فيما يتعلق بالجانب الصوفي، وهو يعد بحق مجددا للطريقة الشاذلية، وقد كان على اطلاع واسع بالفقه إلى درجة أن ألف فيه كتبا عديدة، حيث أطلق عليه “بمحتسب الصوفية”، وناقد علم التصوف ومذهبه، وهو تعبير عن المفهوم الإسلامي للإصلاح الديني، القائم على الحسبة، التي هي من ركائز المعاملات على اعتبار أنها تستمد روحها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقمع الغش والتدليس في الدين. ويعد هذا المبدأ من الأسس، الذي اعتمدت من رجال الصلاح بالمغرب بعدم التفريق بين خدمة الدين وتقديم مصالح الناس لدرجة أنه قيل: إنه قل أن قام في العصور المتأخرة ناقد صوفي من طرازه حتى انبلج فجر النهضة الحديثة[44].

– الشيخ ابن يجبش

هو أبو عبد الله محمد (فتحا)، بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن التازي، الشهير بابن يجبش[45]. تتلمذ على شيوخ، كان لهم الفضل في تكوينه كما أنه عاصر بعض العلماء، ساعدوه في الارتقاء بعلومه، لاسيما أنه كان قريبا من زاوية بباب الفتوح بفاس. كان شغوفا بالشعر، مما جعل ابن تاويت يعده من المبرزين في الأدب، مستندا في كلامه على ما أورده ابن يجبش من أبيات شعرية في قصيدته المنفرجة، التي ذكر بها ابن يجبش ما رآه من ظلم.

وقد كسب ابن يجبش شهرته بعد كفاح مرير وتلقين في حلقات الدروس، ولعل وجود مجموعة من طلاب العلم ممن ارتووا من بحره الفياض، جعلهم يصلون إلى درجة التأثير على امتداد حركة التصوف وتطوره بهذه البلاد[46].

إن حرص ابن يجبش على تناول قصيدة المنفرجة، تعبير عن خطراته الصوفية بالإكثار من الدعاء لتيسير العسير، وإزالة الحرج والضيق، ومرد هذا إلى أن حقبة ابن يجبش اختمر فيها التصوف بفضل شيوخ كبار من أمثال زروق، والتازي، والسنوسي، وغيرهم. وما أتت به المنفرجة، هي إشارات واضحة لأحاسيس هذا المتصوف، تتجلى من خلال بعض الأبيات:

مــن جاهد نفسه في عمل     يـــــــــرضاه حــبيبه يــبتهــــــج

وينال غدا رتب الأحبا       ب ويحظى بالمحيا البهج

بــادر برضى المحبوب تفز   بــجميــع الــقصد وتبتهــــــــج

وتأسيسا على ما سبق، فالشيخ ابن يجبش، عمل على تثبيت مبدأ الوعظ والإرشاد، والتشويق وبأسلوب رصين، ذلك أن الوصول إلى الحقيقة عنده هين لين، فلا كلفة ولا عناء[47].

والحقيقة، أن الحديث عن سيرة ابن يجبش وعن سابقيه لا تكفي في هذا المقام، لما قاموا به ميدانيا، وما أنتجوه نظريا بعد أن حملوا هموم بلدهم محمل الجد من خلال ما دونوه سواء في الشعر أو النثر، فالمترجم لهم كانت لهم خصوصيات امتازوا بها، قلما نجدها عند باقي المتصوفة.

 خاتمة

ومن نافلة القول، التنبيه على أن ما أتيت به وأنا أستحضر هؤلاء المتصوفة في نهاية هذا الموضوع، ما هو إلا نموذج لصلحاء اتسم فكرهم بالاعتدال والتكامل في الجمع بين الظاهر والباطن، وبين الشريعة والحقيقة، والابتعاد عن الغلو. وما ذكرته في الحديث عن المترجم لهم، قد لا يشفي الغليل بالنظر إلى مكانتهم الروحية والعلمية الرفيعة داخل المجتمع. لقد كان  القاسم المشترك لديهم ارتباطهم بالوطن، وبقضاياه، ناهيك عما خلفوه من إنتاجات علمية، وما أسسوا له في مجال التصوف، فهؤلاء الرجال، يعدون بحق من أقطاب رجال التصوف في حقبة سياسية جد حساسة من تاريخ المغرب، تألبت عليه القوى الاستعمارية، فلم يتأخروا قيد أنملة في الجهر بالحق، وهو ما يؤكد أن أرض المغرب، كانت على مر العصور أرض عطاء، امتد إشعاعها إلى خارج الحدود مما جعل عددا من البلدان الإفريقية يقتنعون بالوزن الفكري والعلمي لمن تقلدوا الريادة في مجال التصوف بالمغرب، وما كان ليتخطى الحدود لولا التوجه السني، الذي أخذ به المغاربة، وهم يتعلقون بالعقيدة الأشعرية والمذهب الفقهي المالكي. إن هذا التواصل المثمر، هو ما نلمسه جليا من خلال شخصية أحمد سكيرج عبر مراسلاته ورجالات الطريقة التجانية بالسنغال[48]. هي علاقة مستمرة ومتجذرة تبرز في عصرنا الحالي من خلال الندوات العلمية والفكرية والروحية التي تسهر على تنظيمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة في عدد من البلدان الإفريقية، وآخرها الندوة الدولية التي كان موضوعها: “التراث الإسلامي الإفريقي بين الذاكرة والتاريخ”[49].

وإن الأخذ بسيرة رجال الصلاح في زمن العولمة، وفي ظل الانتشار الواسع للقنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، التي تعج بمعلومات فيها الغث والسمين، التي أصبحت متاحة بسهولة، هو ما يدفعنا إلى أهمية استحضار مبادئ التصوف السني الوسطي النقي، والاطلاع على تراث رجالاته، مما سيساهم بالدرجة الأولى في تحصين سلوك الفرد وتقويمه من كل الانحرافات المادية والأخلاقية وترسيخ ثقافة التسامح، ونبذ خطاب التطرف والكراهية دون التفريط في خصوصيات الهوية الإسلامية حتى نرى ذلك الإنسان السوي، الذي كان المتصوفة يدعون له.


بيبليوغرافيا البحث

– القران الكريم .

– صحيح البخاري.

* الكتب:

  • إبراهيم حركات، السياسة والمجتمع في العصر السعدي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1987م.
  • إبراهيم القادري بوتشيش، ثقافة الوسطية في التصوف السني بالمغرب، منشورات الزمن، النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2010م.
  • إبراهيم القادري بوتشيش، المغرب والأندلس في عصر المرابطين، الذهنيات – الأولياء – المجتمع، دار الطليعة، بيروت، 1993م.
  • ابن قنفذ القسنطيني، أنس الفقير وعز الحقير، تحقيق محمد الفاسي، وأدولف فور المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1965م.
  • أبو بكر البوخصيبي، أضواء على ابن يجبش، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1972م.
  • أبو القاسم القشيري، الرسالة القشيرية في علم التصوف، تحقيق: محمد زريق، وعلي عبد الحميد، بيروت، 1990م.
  • محمد بن الطيب، إسلام المتصوفة، دار الطليعة، بيروت، 2007م.
  • محمد المنوني، الحياة الدينية والفكرية في عهد المرينيين، منشورات المركز الوطني، العدد الثاني، 1982م.
  • حسن جلاب، بحوث في التصوف المغربي، المطبعة الورقية الوطنية، مراكش، 1995م.
  • السعيد ريان، قطب التصوف بالمغرب، مطبعة الخليج العربي، تطوان 2011م.
  • عبد الله بوعافية الحسيني، الوسيلة إلى الله في القبول، دار المنهاج، القويم، دمشق، 2009م.
  • عبد الله كنون، ذكريات مشاهير رجال المغرب، دار الكتاب اللبناني، بيروت، د.ت.
  • منال عبد المنعم جاد الله، التصوف في مصر والمغرب، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1997م.
  • يوسف التادلي، التشوف إلى رجال التصوف، تحقيق: أحمد التوفيق، كلية الآداب، الرباط، 1984م.

*المجلات:

  • عبد العزيز بن عبد الله، تطور الفكر في المغرب الحديث، معهد البحوث والدراسات العربية، الرباط، 1969م.
  • علال الفاسي، مجلة الثقافة المغربية، العدد الأول، 1970م.
  • مجلة المناهل، عدد 91/92، 1992م.

[1]– سورة آل عمران، آية:185، سورة الحديد، آية:20، سورة العنكبوت، آية:64، سورة الزمر، آية:22-23، سورة القصص، آية:60، سورة الضحى، آية:4.

[2]– صحيح البخاري، 7/190.

[3]– منال عبد المنعم جاد الله، التصوف في مصر والمغرب، منشأة المعارف، مصر، 1997م، ص:146.

[4]– إبراهيم حركات، السياسة والمجتمع في العصر السعدي، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 1987م، ص:328.

[5]–  تطور الفكر واللغة في المغرب الحديث، معهد البحوث والدراسات العربية، 1969م، ص:105.

[6]– مجلة الثقافة المغربية، العدد الأول، 1970م، ص:37-38.

[7]– سورة الشورى، آية:11.

[8]– تصوف مصر والمغرب، ص:142.

[9]–  إبراهيم القادري بوتشيش، ثقافة الوسطية في التصوف السني بالمغرب، منشورات الزمن، 20 النجاح الجديدة، الدار البيضاء ص:36.

[10]– نفسه، ص:35.

[11]– سورة الأنفال، آية:8.

[12] – إبراهيم القادري بوتشيش، المغرب والأندلس في عصر المرابطين، الذهنيات – الأولياء – المجتمع، دار الطليعة، بيروت، 1993م م ص:161.

[13]– ثقافة الوسطية في التصوف السني بالمغرب، ص:48.

[14]– سورة الجمعة، آية:9، سورة الرعد، آية:28، سورة المنافقون، آية:9.

[15]– القشيري، الرسالة القشيرية في علم التصوف، تحقيق معروف زريق وعلي عبد الحميد، بيروت، 1990م، ص:221.

[16]– انظر الفصل الثالث من كتاب الوسيلة إلى الله في القبول، دار المنهاج القويم، دمشق، سوريا، 2009م.

[17]– سورة العنكبوت، آية:69.

[18]– انظر في هذا الباب، ما ورد في هذه المسالة في كتاب التشوف لرجال التصوف، ص:62.

[19]– ابن الزيات، التشوف، ص:45-46.

[20]– أبو عبد الله بن تجلات، إثمد العينين، ونزهة الناظرين في مناقب الأخوين، دارسة وتحقيق محمد رابطة الدين، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، كلية الآداب بالرباط، ص:399.

[21] –  محمد فتحة، النوازل الفقهية والمجتمع، أبحاث في تاريخ الغرب الإسلامي (من القرن 6 إلى القرن 9 ه/12-15م)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء، ص: 192.

[22]. – انظر: ابن قنفذ، أنس الفقير وعز الحقير، تحقيق محمد الفاسي وأدولف فور، المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، ص: 11.

[23] –  يوسف التادلي، تحقيق أحمد التوفيق، كلية الآداب، الرباط، 1984، ص: 38.

[24] – ثقافة الوسطية في التصوف السني بالمغرب، ص: 29.

[25]– محمد بن الطيب، إسلام المتصوفة، دار الطليعة، بيروت، 2007م، ص:32.

[26]– الرسالة القشيرية في علم التصوف، ص:281.

[27]– هناك من يتحدث عن أن ولادته كانت في سنة 593 ه.

[28]– الحسن شاهدي، التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، مجلة المناهل، عدد 91/92، 1992، ص: 34.

[29]– الحسن الشاهدي، التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، مجلة المناهل، أبريل، 2012م، ص:34-35.

[30]– لمعرفة المزيد عن حياة عبد السلام بن مشيش، انظر: قطب التصوف بالمغرب، السعيد ريان، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2011م.

[31]– التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، ص:38.

[32]– عبد الله بوعافية الحسيني، الوسيلة إلى الله في القبول، دار المنهاج القويم، دمشق، 2009م ص:44.

[33]– الوسيلة إلى الله في القبول، دار المنهاج القويم، دمشق، 2009م، ص:45.

[34]– التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، ص:48.

[35]– التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، ص:45.

[36]– محمد المنوني، الحياة الدينية والفكرية في عهد المرينيين، منشورات المركز الوطني، العدد الثاني، دجنبر 1982م، ص:14.

[37]– التأثير الشاذلي في التصوف المغربي، ص:51.

[38]– في معرض الحديث عنه، أكد إبراهيم حركات، أن هذا هو اسمه على الحقيقة خلافا لما يطلق عليه بمحمد بن سليمان، انظر هامش ص:89 من كتاب المغرب عبر التاريخ، ج/2، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، 2011م.

[39] – حسن جلال، بحوث في التصوف المغربي، ص:114.

[40]– نفسه، ص:113.

[41] -عبد اللطيف عوام، قراءة في كتاب “الطريقة الجزولية” من التصوف إلى السياسة، مجلة المناهل عدد 91/92، 1992م، ص:363.

[42]– نفسه، ص:375.

[43]– توجد مصادر عديدة ترجمت لأحمد زروق منها المطبوعة ومنها المخطوطة، انظر: الشيخ زورق، آراؤه الإصلاحية، هامش ص:3.

[44]– عبد الله كون، ذكريات مشاهير رجال المغرب، دار الكتاب اللبناني، بيروت، د.ت، ص:18.

[45] – أبو بكر البوخصيبي، أضواء على ابن يجبش، مطبعة النجاح، الجديدة، 1972م، ص:40.

[46]– نفسه.

[47]– نفسه، ص:69.

[48]– أحمد الأزمي، دور رجالات الطريقة التجانية في تمتين الروابط بين المغرب والسنغال عمر الفوتي وأحمد سكيرج نموذجا، مجلة المناهل، عدد 91/92، 1992م، ص:185.

[49]– هي ندوة احتضنتها “أبوجا” بنيجريا، من 29 أكتوبر إلى 31 منه عام 2021م.