أقوال علماء المغرب في العقيدة الأشعرية



أقوال علماء المغرب في العقيدة الأشعرية

د. عبد القادر بطار

(جامعة محمد الأول- وجدة)

 

تقديم

تتناول هذه الدراسة العلمية أقوال علماء المغرب في العقيدة الأشعرية السنية الجماعية، وشهادتهم في واضعها الإمام المجدد القدوة الحجة ناصر السنة، أبي الحسن الأشعري رضي الله عنه.

فقد اختار أهل المغرب العقيدة الأشعرية السنية طريقة لهم في مجال الاشتغال العقدي السني، منذ منتصف القرن الرابع الهجري، لما وجدوه فيها من وسطية واعتدال، وسماحة ويسر، وأنها طريقة تضمن لهم اتصالهم بالسلف الصالح، وأنهم الظاهرون على الحق حتى تقوم الساعة كما ورد في الحديث النبوي الشريف[1].

لقد أدرك أهل المغرب مزايا العقيدة الأشعرية السنية الجماعية، وأن من مفاخرها وقوة بنائها أن أئمتها الأعلام كلهم على كلمة واحدة، لا يكفر بعضهم بعضا، ولا يتبرأُ بعضهم من بعض.

يقول الإمام الأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي (ت429هـ) في بيان عصمة الله لأهل السنة الأشاعرة عن تكفير بعضهم بعضا:” أهل السنة لا يكفر بعضهم بعضا، وليس بينهم خلاف يوجب التبري والتكفير، فهم –إذن- أهل الجماعة، القائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهلَه، فلا يقعون في تنابذ وتناقض.”[2]

كما نجد الإمامَ أبا المظفر شاهفور بن طاهر بن محمد الأسفراييني (471هـ) يتابع سلفه البغدادي فيقول:” ومنها: أن أهل السنة مجتمعون فيما بينهم، لا يكفر بعضهم بعضا، وليس بينهم خلاف يوجب التبريء والتكفير، فهم إذاً أهل الجماعة، قائمون بالحق، والله تعالى يحفظ الحق وأهله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر9]. قال المفسرون: أراد الحفظ من التناقض”.[3]

لقد نظر الإمام أبو الحسن الأشعري –رحمه الله- إلى المخالفين من الفرق الإسلامية بعين التسامح الذي يكاد ينعدم عند المخالف نفسه، فيقول:” اختلف الناس بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم، في أشياءَ كثيرة، ضلل بعضهم بعضا، وبرئ بعضهم من بعض، فصاروا فرقا متباينين، وأحزابا متشتتين، إلاَّ أنَّ الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهم”.[4]

سند علماء المغرب في أخذ العقيدة الأشعريــة:

يتصل سند علماء المغرب بالعقيدة الأشعرية السنية الجماعية إلى واضعها الإمام المجدد أبي الحسن الأشعري علي بن إسماعيل (ت324هـ) فقد أورد الشيخ محمد بن سليمان الروداني (ت1094هـ) سنده في أخذ العقيدة الأشعرية إلى الإمام أبي الحسن الأشعري فقال:” سلسلة أصول الدين: أخذته عن شيخنا أبي عبد الله بن سعيد المراكشي، بسنده إلى الجلال السيوطي، عن التقي الشمني، وشمس الدين إمام الشيخونية، وهو عن الكمال بن الهمام، عن العز ابن جماعة، عن ضياء الدين القرمي. وأخذ التقي الشمني عن الفاسي شمس الدين البسطامي، وعلاء الدين البخاري. وهو عن المحقق سعد الدين التفتازاني، والبسطامي، عن الضياء القرمي، وهو والتفتازاني عن القاضي عضد الدين الإيجي، عن زين الدين الهنكي، عن القاضي ناصر الدين البيضاوي. وهو أخذ عن كثير من أصحاب التاج محمد بن الحسين الأرموي، صاحب الحاصل، ومن أصحاب الصفي الأرموي صاحب التحصيل، عنهما، وهما عن الإمام فخر الدين الرازي، عن والده ضياء الدين، عن أبي القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري، عن إمام الحرمين، عن أبي القاسم الإسكاف، عن الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، عن أبي الحسين الباهلي، عن شيخ السنة أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري”.[5]

أقوال علماء المغرب في واضع علم التوحيد الإمام المجدد أبي الحسن الأشعري:

لقد ترسخ لدى علماء المغرب أن واضع علم التوحيد بلا منازع هو الإمام أبو الحسن الأشعري، وأن هذا الإمام المجدد هو امتداد لمدرسة سنية جماعية في العقيدة والفكر والنظر الكلامي.

قول الإمام أبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي (ت734هـ)

يقول الإمام أبو الحسن اليفرني:” قال بعض العلماء: الواضع لهذا الفن- أصول الدين- في التأليف إنما هو أبو الحسن الأشعري… وهو مالكي المذهب، وكان مذهب مالك في وقته فاشيا بالعراق، وناظره المعتزلة، وكان أمرهم في ذلك الوقت شائعا، وكلمتهم عالية، وكان يقصدهم للمناظرة في مجالسهم بنفسه. فقيل له: كيف تفعل ذلك وقد أمرت بهجرانهم؟

فقال: هم أولو الرئاسة، ومنهم الولاة والقضاة فهم لرئاستهم لا ينزلون إليَّ، فإن لم أسر إليهم فكيف يظهر الحق، ويُعلم أن لأهله ناصراً بالحجة.”[6]

ويُستنتج من كلام الشيخ أبي الحسن اليفرني أن الإمام أبا الحسن الأشعري هو واضع علم أصول الدين على طريقة أهل السنة والجماعة، من حيث الصناعة الكلامية، والبراهين الأصولية، والإفراد بالتأليف. وهذا القدر هو المتفق عليه عند جميع المحققين من علماء هذا الفن.

قول الإمام أبي العباس أحمد بن علي عبد الرحمن المنجور الفاسي (ت995هـ):

يقول الإمام المنجور في شرحه للمنظومة المسماة: “محصِّل المقاصد مما به تعتبر العقائد”

فصل أبو الحسن الأشعريُّ * واضع هذا العلم هو المرضيُّ

بكتبه الموافــق الرسول * فخـــــــص بالسنة والقبـــول

لقب تابعوه بالأشاعرة * وهو بالشيخ اتبعْ مؤازرهْ

ونُسبوا له بالأشعريةْ * أولاء أهلُ الحق والبريــــةْ

واضع هذا الفن هو أبو الحسن الأشعري المتكلم… وهو مالكي المذهب، وإليه تُنسب جماعة أهل السنة، ويلقبون بالأشاعرة والأشعرية، وكانوا من قبل ظهوره يلقبون بالمثبتة، إذْ أثبتوا ما نفت المعتزلة”.[7]

ويقول الإمام إبراهيم بن محمد الجزولي التمنارتي (ت971هـ) في شرحه للأبيات السابقة: “يعني أن أبا الحسن الأشعري هو الذي وضع علم الكلام وأسسه بكتبه، وهو المرضي الموافق للرسول، لا واصل بن عطاء الذي أسس مذهب الاعتزال، فلذلك خُص بقبول مذهبه، وإسناده إلى السنة، فيقال: سُنّـِيٌّ ، ومذهب أهل السنة”.[8]

قول الإمام أبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي (ت1102هـ)

يقول الإمام أبو المواهب اليوسي في سياق التعريف بعلم أصول الدين: “وأما واضعه فقيل: هو الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري. ولا شك أنه هو الذي دوَّن هذا العلم، وهذَّب مطالبَه، ونقَّح مشاربَه، فهو إمام أهل السنة غيرَ مدافع…”.[9]

لكن الإمام اليوسي يعود فيقرر أن علم أصول الدين علم قرآني؛ “لأنه مبسوط في كلام الله تعالى بذكر العقائد، وذكر النبوءات، وذكر السمعيات”.[10]

كما يذكر الإمام اليوسي أن الإمام أبا الحسن الأشعري هو امتداد لعلماء من أهل السنة والجماعة من أمثال أبي العباس القلانسي، وعبد الله بن سعيد بن كُلاَّب،  وهما سلف الإمام أبي الحسن الأشعري، “وهؤلاء كانوا يلقبون بالمثبتة لإثباتهم ما نفته المعتزلة”.[11]

وقد تابع العلامة محمد الطالب ابن الحاج سلفه العلامة اليوسي مرجحا قوله في أن علم التوحيد علم قرآني.[12]

لكن الشيخ ابن الحاج يستدرك فيقرر أن المراد بقولهم: إن واضع علم التوحيد هو الإمام أبو الحسن الأشعري، كما يقول العلامة محمد بن أحمد ميارة الفاسي (ت1072هـ) [13] ووالده في أرجوزة له حيث قـال:

واضعه هو الإمام الأشعرِي * أتى بــه من كل شبهة عَــــــــــــــــرِي

أمده بــــه الرسولُ رُؤيــَـــا * فــــــــكان أحسنَ الأنــــــــــــــام رأيا

“أنه أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتلخيصها، ودفع الشكوك والشبه عنها، وإبطال دعوى الخصوم، وجعل ذلك علما مفردا بالتدوين.”[14]

وكلام الشيخين: اليوسي وابن الحاج يحتاج إلى تفصيل، نجمله في أمرين اثنين:

الأول: أن الإمام أبا الحسن الأشعري امتداد لمدرسة سنية كانت موجودة قبله، وكانت تقرر أمور العقيدة على طريقة السلف الصالح، ومن أبرز أعلامها: عبد الله بن سعيد بن كُلاَّب (ت214هـ) وأبو العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي(ت243هـ).

يقول الشهرستاني عن هؤلاء الأعلام:” … حتى انتهى الزمان إلى عبد الله بن سعيد الكُلاَّبي، وأبي العباس القلانسي، والحارث بن أسد المحاسبي، وهؤلاء كانوا من جملة السلف، إلا أنهم باشروا علم الكلام، وأيدوا عقائد السلف بحجج كلامية، وبراهين أصولية، وصنف بعضهم، ودرس بعض، حتى جرى بين أبي الحسن الأشعري وبين أستاذه مناظرة في مسألة الصلاح والأصلح، فتخاصما، وانحاز الأشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالاتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة، وانتقلت سمة الصفاتية إلى الأشعريــة.”[15]

الثاني: القول بأن علم التوحيد علم قرآني كما قرر الإمام اليوسي، وتابعه على ذلك الإمام محمد الطالب ابن الحاج، أن هذا القول يقرره الإمام أبو الحسن الأشعري نفسه، فهو يرى أن أساسيات علم التوحيد موجودة في القرآن الكريم.

يقول الإمام أبو الحسن الأشعري في سياق رده على منكري علم الكلام، وحكمهم على المشتغل به بالابتداع:”… أما بعد، فإن طائفة من الناس جعلوا الجهلَ رأس مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين، ومالوا إلى التخفيف والتقليد، وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال، وزعموا أن الكلام في الحركة والسكون والجسم والعرض والألوان والأكوان والجزء والطفرة وصفات الباري عز وجل بدعة وضلالة، وقالوا: لو كان ذلك هدى ورشاداً لتكلم فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلفاؤه وأصحابه…”[16].

وقد رد الإمام أبو الحسن الأشعري على هؤلاء المنكرين بالحجج النقلية والعقلية الآتية:

أحدها: “قلب السؤال عليهم، بأن يقال: النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل أيضا: إنه مَنْ بحث عن ذلك وتكلم فيه فاجعلوه مبدعا ضالا، فقد لزمكم أن تكونوا مبدعة ضلالا، إذ قد تكلمتم في شيء لم يتكلم فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وضللتم مَنْ لم يضلله النبي صلى الله عليه وآله وسلم”.

ثم يقول الإمام الأشعري:” وأما الكلام في أصول التوحيد فمأخوذ من الكتاب، قال تعالى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ [الأنبياء:22]. وهذا الكلام موجز منبه على الحجة بأنه واحد لا شريك له، وكلام المتكلمين في الحجج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية، وقوله عز وجل: ﴿مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [المؤمنون: 91].

وكـلام المتكلمين في الحجاج في توحيد الله إنما مرجعه إلى هذه الآيات التي ذكرناها، وكذلك سائر الكلام في تفصيل فروع التوحيد والعدل إنما مأخوذ من القرآن…”[17]

ثناء علماء المغرب على الإمام المجدد أبي الحسن الأشعري:

أخذ علماء المغرب بالعقيدة الأشعرية السنية الجماعية منذ منتصف القرن الرابع الهجري كما سلف القول، وذلك بعد وفاة الإمام أبي الحسن الأشعري سنة 324هـ بنحو عقدين من الزمن، وبالضبط مع الإمام أبي بكر الباقلاني (ت403هـ) الذي انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي في زمانه.

وللإمام أبي الحسن الأشعري منزلة عظيمة عند علماء المغرب قاطبة، يقول عنه القاضي عياض: “فكذلك أبو الحسن، فأهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقته”.[18]

ويقول عنه أيضا:” وصنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج، على إثبات السنة، وما نفاه أهل البدع، من صفات الله تعالى، ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر، التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة، والدلائل الواضحة العقلية، ودفع شبه المبتدعة، ومن بعدهم من الملحدة والرافضة، وصنف في ذلك التصانيف المبسوطة التي نفع الله بها الأمة، وناظر المعتزلة، وكان يقصدهم بنفسه للمناظرة.”[19]

ويقول العلامة أبو عبد الله سيدي محمد الطالب بن حمدون بن الحاج عن الإمام الأشعري: “إنه أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتخليصها ودفع الشكوك والشبه عنها، وإبطال دعوى الخصوم، وجعل ذلك علما مفرداً بالتدوين”.[20]

ويقول أيضا:” ومن أراد أن ينشرح صدره، ويتبين له بينا لا مراء فيه، صحة مذهب الإمام الأشعري، وأنه مذهب أهل السنة والجماعة، فلينظر كتاب أبي القاسم بن عساكر في “تبيين كذب المفتري فيما نَسَبَ إلى الإمام الأشعري” فقد أتى فيه من أدلة الكتاب والسنة وأقاويل السلف والخلف بما لا يمتري معه عاقل، خال من التعصب، وأنه إمام السنة، ورئيس الجماعة، المضمون لها العصمة من الله.

وما ألطف قول القائل:

الأشعريــــــــةُ قــــــــومٌ * قد وُفقوا للصوابِ

لم يخرجوا في اعتقاد * عن سنة وكتابِ[21]

وفي السياق نفسه يقول العلامة أبو المواهب الحسن بن مسعود اليوسي، وهو يتحدث عن واضع علم الكلام: “وأما واضعه فقيل هو الشيخ أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري. ولا شك أنه هو الذي دون هذا العلمَ، وهذَّب مسائلَه، ونقَّح مشاربَه، فهو إمام أهل السنة غيرَ مدافع…”[22]

ويقول الإمام أبو عبد الله محمد بن خليل السكوني الإشبيلي عن المذهب الأشعري: “كل من خالف مذهب أهل الحق، وهم الأشعرية، عدول هذه الأمة، فهو معتزلي، لأنه من السنة وأهلها بمعزل”.[23]

ويقول أيضا: “ومما أيد الله سبحانه به الدين، وأقام به منار المسلمين، شيخ السنة، وحبر الأمة، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رضي الله عنه، رفع بتأييد الله تعالى راية الموحدين، وأدحض ضلال الملحدين، فعضد بحجاج العقل ما ورد وارده بطريق النقل، وقمع بقاطع برهانه، وساطع بيانه، شُبهَ من مال أو زاغ، ودفع بواضح حجته، ولائح محجته من حاد عن الطريق المثلى، أو زاغ، فربط ما انحل من العقود، وأجرى العقائد على أكمل مقصود”.[24]

ويقول العلامة محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي: “إن أصول الدين في هذه الديار الإفريقية المغربية قد استقرت، ورسخت فيها قدم أهل السنة، وذهبت البدع أدراج الرياح منذ استولى عليها مذهب أبي الحسن الأشعري وسادها، ومهد جبالها ووهادها، ولقد بدأ بعض التزلزل من شراذم لا أهمية لها، والعبرة بالأكثرية الساحقة.”[25]

ويقول العلامة العربي اللوه: “… ظهر الإمام أبو الحسن الأشعري وأخذ يقرر العقائد على أصول النظر المؤيد بالكتاب والسنة، فبناها على الدليل العقلي طبقا لنوامس الكون، ولتعليمات القرآن الكريم، الذي دعا إلى النظر في ملكوت السماوات والأرض والتفكر في مخلوقات الله تعالى … ثم قام بمجهود جبار للدفاع عن عقيدة السلف وتلخيصها، ودفع شبه الفلاسفة عنها، وتنقيحها، من جميع الشكوك والأوهام والأباطيل، مع تحريرها من تزييف خصومه ودعاويهم الباطلة… هكذا تصدى الإمام الأشعري لتقرير مذهبه في العقائد، هذا المذهب الذي عرف بعد ذلك بمذهب أهل السنة والجماعة، بل يصح القول: بأنه أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة والجماعة، وأنه أول من ضبط مسائلها، وبسط مباحثها، ثم أفردها بالتدوين حتى أصبحت علما قائما بنفسه يسمى علم العقائد أو العقيدة الأشعرية”.[26]

 العقيدة الأشعرية في فتاوى علماء المغرب:

لقد أسهم علماء المغرب في التمكين للعقيدة الأشعرية السنية الجماعية وترسخيها بين الخاصة والعامة، وجعلها تحظى بالقبول لدى أولي الأمر، وذلك من خلال فتاوى علمية صادرة عن مشيخة علماء المغرب في سياق الجواب عن سؤال ولي الأمر.

فقد سأل أمير المسلمين الخليفة يوسف بن تاشفين (ت500هـ) الإمام الفقيه ابن رشد الجد (ت520هـ) عن حقيقة العقيدة الأشعرية وبعض أعلامها، وكان جواب ابن رشد الجد منصفا غاية الإنصاف لهذه المدرسة السنية الجماعية وأعلامها.

وهذا نص سؤال أمير المسلمين يوسف بن تاشفين- رحمه الله-: “ما يقول الفقيه القاضي الأجل الأوحد، أبو الوليد، وصل الله توفيقه وتسديده، ونهج إلى كل صالحة طريقه، في الشيخ أبي الحسن الأشعري، وأبي إسحاق الأسفرايني، وأبي بكر الباقلاني، وأبي بكر بن فورك، وأبي المعالي، وأبي الوليد الباجي، ونظرائهم، ممن ينتحل علم الكلام، ويتكلم في أصول الديانات، ويصنف للرد على أهل الأهواء، أهم أئمة رشاد وهداية، أم هم قادة حيرة وعماية؟ وما تقول في قوم يسبونهم، وينتقصونهم، ويسبون كل من ينتمي إلى علم الأشعرية، ويكفرونهم، ويتبرؤن منهم، وينحرفون بالولاية عنهم، ويعتقدون أنهم على ضلالة، وخائضون في جهالة، فماذا يُقال لهم، ويُصنع بهم، ويُعتقد فيهم؟ أيتركون على أهوائهم أم يكف عن غلوائهم؟ وهل ذلك جرحة في أديانهم، ودخل في إيمانهم؟ وهل تجوز الصلاة وراءهم أم لا؟ بين لنا مقدار الأئمة المذكورين، ومحلهم من الدين، وأفصح لنا عن حال المنتقص لهم، والمنحرف عنهم، وحال المتولي لهم، والمحب فيهم مجملا مفصلا، ومأجورا إن شاء الله تعالى.

فأجاب ابن رشد- رحمه الله-: تصفحت- عصمنا الله وإياك- سؤالك هذا، ووقفت عليه، وهؤلاء الذين سميت من العلماء أئمة خير وهدى، وممن يجب بهم الاقتداء، لأنهم قاموا بنصر الشريعة، وأبطلوا شبه أهل الزيغ والضلالة، وأوضحوا المشكلات، وبينوا ما يجب أن يدان به من المعتقدات. فهم بمعرفتهم بأصول الديانات العلماء على الحقيقة، لعلمهم بالله عز وجل، وما يجب له، وما يجوز عليه، وما ينفى عنه، إذ لا تعلم الفروع إلا بعد معرفة الأصول. فمن الواجب أن يعترف بفضائلهم، ويقر لهم بسوابقهم، فهم الذين عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين). فلا يعتقد أنهم على ضلالة وجهالة إلا غبي جاهل أو مبتدع زائغ عن الحق مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق. وقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً. [الأحزاب: 58] فيجب أن يبصر الجاهل منهم، ويؤدب الفاسق، ويستتاب المبتدع الزائغ عن الحق، إذا كان مستسهلا ببدعة، فإن تاب وإلا ضرب أبدا حتى يتوب، كما فعل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بصبيغ المتهم في اعتقاده، من ضربه إياه حتى قال: يا أمير المؤمنين، إن كنت تريد دوائي فقد بلغت مني موضعَ الداء، وإن كنت تريد قتلي فأجهز علي، فخلى سبيله. والله أسأله العصمة والتوفيق برحمته، قاله محمد بن رشد”[27].

أهمية فتوى الإمام ابن رشـد في ترسيخ العقيدة الأشعرية بالمغرب:

تظهر أهمية هذه الفتوى في كونها جوابا علميا عن سؤال صادر عن ولي الأمر، أمير المسلمين يوسف بن تاشفين اللمتوني (ت500ه)، أعظم ملوك دولة المرابطين. وسؤاله لمشيخة علماء المغرب في شخص الإمام الفقيه أبي الوليد بن رشد الجد، يدل دلالة واضحة على أن الخليفة لم يكن مقتنعا بما كان يروج له بعض خصوم العقيدة الأشعرية، من تهم وشبه واهية، حول أئمة العقيدة السنية الجماعية، بل كأنه بسؤاله لأبي الوليد بن رشد شيخ المذهب، وحرصه الشديد على استصدار فتوى من مشيخة علماء المغرب الثقات من أمثال أبي الوليد بن رشد أراد من خلال ذلك كله أن يضع حداً فاصلاً لهذه الشبه الباطلة التي يسمو عنها أعلام المدرسة الأشعرية الفضلاء، كما أنه بسؤاله لمشيخة علماء المغرب قد مهد لظهور العقيدة الأشعرية السنية، وجعلها تحظى بالقبول الحسن بالأقطار المغربية، حيث ستصبح فيما بعد العقيدة الرسمية للمغاربة.

كما أن التشويش على العقيدة الأشعرية السنية ظهر منذ ظهور هذه العقيدة السنية الجماعية من قبل أناس قصر نظرهم، وضعفت بضاعتهم من الحشوية وغيرهم. ثم إن الطعن كان موجها أساسا إلى كبار أئمة المذهب الأشعري، ربما لاعتقاد أصحاب هذه الدعاوى التي تفتقر لأخلاقيات العلم، أن التشكيك في هؤلاء الأئمة الأعلام سبيل لهدم العقيدة الأشعرية من أساسها، ولكن سقط في أيديهم، وخاب سعيهم، حيث أصبحت العقيدة الأشعرية السنية عقيدة رسمية مجمعا عليها من قبل المالكية والشافعية والحنفية وفضلاء الحنابلة.[28]

لقد تولى كثير من العلماء الفضلاء قديما وحديثا بيان افتراءات المفترين على المدرسة الأشعرية وعلمائها، مثل ما فعله الإمام الحافظ ابن عساكر الدمشقي في كتابه القيم: “تبيين كذب المفتري فيما نَسَبَ إلى الإمام أبي الحسن الأشعري”. وقد قال في مقدمة هذا الكتاب: “… واعلم يا أخي، وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته، أن لحوم العلماء -رحمة الله عليهم- مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، لأنَّ الوقيعة فيهم، بما هم منه براء أمره عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتع وخيم …”[29].

من العدل والإنصاف أن نستحضر بكل ثقة أن أئمة العقيدة الأشعرية قاموا عبر التاريخ بحفظ الشريعة والرد على المخالفين لعقيدة أهل السنة والجماعة، في إطار رسالة العلماء التي حددها الحديث النبوي الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”. والذي حمله ابن رشد على أئمة العقيدة الأشعرية، أن مهمة الأشاعرة واشتغالهم العقدي والفكري ارتكز بالأساس على بيان أمور العقيدة بخاصة بالأدلة العقلية، مع الرد على الشبه التي كانت تثار حول العقائد الإسلامية بعامة.

وقد حدد الإمام ابن رشد في فتواه ثلاثة مستويات للرد على من يطعن في أعلام المدرسة الأشعرية السنية: تبدأ بتبصير الجاهل منهم بحقيقة هؤلاء الأعلام وتأديب الفاسق، ثم تأتي مرحلة الجزر بالنسبة للمبتدع.

توجيه كلام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي (المعروف بابن عبد البر) في الأشاعرة:

هناك نص أورده الحافظ ابن عبد البر القرطبي (ت463ه) في كتابه “جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله” ونسبه لأبي بكر محمد بن أحمد بن خويز منداد، جمع فيه صاحبه الأشاعرة مع أهل الأهواء والبدع. وقد تلاعبت الأيادي الأثيمة بهذا النص وفرحت به رغم ضعفه، وقلة مبالاته.

قال الحافظ ابن عبد البر القرطبي: “أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن، قال: حدثنا إبراهيم بن بكر، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويز منداد المصري المالكي، قال في كتاب الإجارات من كتابه في الخلاف، قال مالك: لا تجوز الإجارات في شيء من كتب الأهواء والبدع والتنجيم، وذكر كتبا ثم قال: كتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أصحاب الكلام من المعتزلة وغيرهم، وتفسخ الإجارة في ذلك.

قال: وكذلك كتب القضاء بالنجوم، وعزائم الجن، وما أشبه ذلك.

وقال في كتاب الشهادات: في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء، قال: أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع، أشعريا كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدا، ويهجر، ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها.

قال أبو عمر: ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلاَّ ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من الأخبار الآحاد في ذلك كله، أو نحوه يُسلم له ولا يُناظر فيه.”[30]

هذا النص هو عمدة خصوم العقيدة الأشعرية السنية الجماعية في العصر الحاضر، وهو كلام يحتاج إلى دراسة وتحليل، نظراً للمكانة العلمية لناقله وخطورة مضمونه، وسوء تنزيله. ونجمل ذلك في النقط الآتية:

أولا: صاحب هذا النص هو أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله الشهير بابن خُوَيـْز مَنداد المصري المالكي، كان في أواخر المائة الرابعة، وقد اختلف العلماء في آرائه ومروياته حتى إنه ضعف فيما ينقله عن الإمام مالك صاحب المذهب.

يقول عنه القاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي (ت544هـ): “أبو بكر بن خواز منداد، ويقال: خويز منداد، كذا كناه أبو إسحاق الشيرازي، وسماه محمد بن أحمد بن عبد الله … وله كتاب كبير في الخلاف،  وكتاب في أصول الفقه، وفي أحكام القرآن، وعنده شواذ عن مالك، وله اختيارات وتأويلات على المذهب، خالف فيها المذهب في الفقه والأصول، ولم يعرج عليها حذاق المذهب، كقوله في بعض ما خالف فيه من الأصول: إن العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار، وأن خبر الواحد يفيد العلم… ولم يكن بالجيد النظر، ولا بالقوي في الفقه،  وتكلم فيه أبو الوليد الباجي، قال: إني لم أسمع له في علماء العراق بذكر، وكان يجانب الكلام جملة، وينافر أهله، حتى تعدى ذلك إلى منافرته المتكلمين، من أهل السنة، وحكم على الكل بأنهم من أهل الأهواء الذين قال مالك في مناكحتهم وشهادتهم وإمامتهم وعبادتهم وجنائزهم ما قال”.[31]

ويقول عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني: “محمد بن علي بن إسحاق خُوَيْز مَنداد، ويقال: خُوَاز منداد، الفقيه المالكي البصري… صنف كتبا كثيرة منها: كتابه الكبير في الخلاف، وكتابه في أصول الفقه، وكتابه في أحكام القرآن، وعنده شواذ عن مالك، واختيارات وتأويلات لم يعرج عليها حذاق المذهب، كقوله: إن العبيد لا يدخلون في خطاب الأحرار، وأن خبر الواحد يفيد العلم، وإنه لا يعتق عن الرجل سوى الباء والبناء، وقد تكلم فيه أبو الوليد الباجي، ولم يكن بالجيد النظر، ولا بالقوي في الفقه، وكان يزعم أن مذهب مالك أنه لا يشهد جنازة متكلم، ولا تجوز شهادتهم، ولا مناكحتهم، ولا أمانتهم. وطعن ابن عبد البر فيه أيضا. كان في أواخر المائة الرابعة”.[32]

فحسب هذه الأقوال فإن ابن خويز منداد لا يعتد بأقواله في الفقه والعقيدة، وقد نبه القاضي عياض على فساد قوله في أهل السنة الأشاعرة الذي أورده الحافظ ابن عبد البر في النص السابق.

ثانيا: يلاحظ أن الحافظ ابن عبد البر لم يعلق على كلام ابن خويز منداد، بل اكتفى بالإشارة إلى طريقة أهل الأثر في التعامل مع أمور العقيدة، فقال: “ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلاَّ ما جاء منصوصا في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أجمعت عليه الأمة، وما جاء من الأخبار الآحاد في ذلك كله، أو نحوه يُسلم له ولا يُناظر فيه.”[33]

والغريب في الأمر أن الحافظ ابن حجر العسقلاني وكما سبقت الإشارة يذكر أن الحافظ ابن عبد البر طعن في ابن خويز منداد، فكيف يستشهد بكلامه وقد طعن فيه العلماء وطعن فيه هو نفسه؟

ثالثا: لم يشر ابن خويز منداد إلى أن كتب الأشاعرة من ضمن كتب أهل الأهواء والبدع عندما تكلم عن كتب الإجارة، في حين أشار إليها عند كلامه على شهادة أهل الأهواء والبدع. فهل هذه الفقرة الأخيرة فعلا من كلام ابن خويز منداد، أم أنها من إضافة بعض خصوم المذهب الأشعري؟

رابعا: أن مصطلح أهل الأهواء كان يُقصد بـه في زمان الإمام مالك فرقٌ إسلامية معروفة، كالجهمية والقدرية والروافض… ولم يدرج أحد من الأئمة المعتبرين الأشاعرة ضمن أهل الأهواء والبدع، إلا أن يكون ممن ينتحل طريقة الحشوية في العقيدة والفكر، علما أن المذهب الأشعري ظهر في القرن الرابع الهجري، أي بعد عصر الإمام مالك بأكثر من مائة سنة، فكيف ينزل كلامه -رضي الله عنه- على أئمة هذه المدرسة السنية الجماعية.

خامسا: رد كثير من العلماء كلام ابن خويز منداد واعتبروه مخالفا للحق، فقد نقل الفقيه أبو القاسم بن أحمد البلوي المعروف بالبرزلي عن ابن بزيزة في شرح الإرشاد للجويني قوله: “هذا النقل عن خويز منداد باطل، وإن صح قوله فالحق حجة عليه، وإذا تصفحت مذاهب الأشعرية وقواعدَهم ومبادئَ أدلتهم وجدت ذلك مستفادا من الأدلة راجعا إليها، فمن أنكر قاعدة علم التوحيد أنكر القرآن، وذلك عين الكفر والخسران، وقد بدأ قبل العراقيين تلقيها، وكيف يرجع إلى رأي خويز منداد ويترك أقاويل أفاضل الأمة وعلماء الملة، من الصحابة ومن بعدهم، كالأشعري والباهلي والباقلاني والمحاسبي وابن فورك والإسفرايني وغيرهم من أهل السنة…

فإن قلت: هذا في محدثات الأمور، ولم ينظر فيه السلف، فلا ينبغي أن يخوض فيه الخلف، وربما أعقب المراء والجدال والشبهات.

قلت: بل نظر فيه السلف قطعا، منهم عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابن عباس حبر الأمة، وعلي رضي الله عنهم. ومن التابعين عمر بن عبد العزيز، وربيعة وابن هرمز ومالك والشافعي. وألف فيه مالك رحمه الله رسالة قبل أن يولد الأشعري، وإنما نسب للأشعري لأنه بين مناهج الأولين، ولخص موارد البراهين، ولم يحدث فيه بعد السلف إلا مجردَ الألقاب والاصطلاحات، وقد حدث مثل ذلك في كل فنون العلم. وقول القائل: نهوا عن النظر فيه، فباطل، وإنما نُهوا عن علم جهم والقدرية وغيرهم من أهل البدع، وهم الذين ذمهم الشافعي وغيره من السلف من المحدثين”.[34]

سادسا: يصر البعض على إحياء آراء ابن خويز منداد والبحث في حياته وآثاره، وإظهاره أنه من فحول المذهب المالكي، وهذا الإجراء كان يكون محمودا لو أن أصحاب هذا الاتجاه كان مقصودهم هو البحث العلمي المجرد، لكن قد يأتي من يجعل شخصية ابن خويز منداد وسيلة للطعن في أئمة العقيدة الأشعرية السنية، والنيل منهم عن طريق تنزيل كلام الإمام مالك تنزيلا مغرضا لا يقره حذاق المذهب.

لقد غاب عن ابن خويز منداد ومن يردد كلامه من الباحثين المعاصرين أن العلماء الذين رفضوا علم الكلام الذي شيده المبتدعة إنما رفضوه لأن أصحابه أحدثوا في الإسلام بدعا كثيرة ليس لهم فيها سلف، وأن هؤلاء معروفون بمقالاتهم الشنيعة، ومخالفاتهم الصريحة لإجماع الأمة.

سابعا: نشير في الأخير إلى أن علم الكلام قسمان:

قسم محمود: ويمكن تسمية هذا القسم بالكلام السني أو الكلام المحمود. وهو عبارة عن تأييد للعقائد الإيمانية بالأدلة العقلية، والرد على المنحرفين عن مذاهب السلف.

قسم مذموم: وهو عبارة عن مضامين جديدة، وقراءات بعيدة عن النص الشرعي، ويمكن تسمية هذا القسم بالكلام البدعي أو الكلام المذموم.

وعن القسم الأول يقول الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين بن عساكر الدمشقي: “فأما الكلام الموافق للكتاب والسنة الموضح لحقائق الأصول عند ظهور الفتنة فهو محمود عند العلماء ومن يعلمه، وقد كان الشافعي يحسنه ويفهمه وقد تكلم مع غير واحد ممن ابتدع وأقام الحجة عليه، حتى انقطع”.[35]

وقد استنتج القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي (ت474هـ) من أثر يرويه الإمام مالك في الموطأ، في كتاب الجامع، أن كراهية العلماء لعلم الكلام إلا فيما تحته عمل لا ينبغي أن يحمل على إطلاقه، بل ينصرف إلى معنيين.

فقد روى مالك أن عمر بن الخطاب سُئل عن هذه الآية: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف172] فقال عمر بن الخطاب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون. فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيُدخله ربه الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله ربه النار.

فقد استنتج الإمام أبو الوليد الباجي من سؤال عمر بن الخطاب عن معنى الآية الكريمة: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾ [الأعراف:172] أن الصحابة كانوا يتكلمون في أمور العقيدة، ويبحثون عن حقائقها، وأن قول من قال: من علماء التابعين من كانوا يكرهون الكلام فيما ليس تحته عمل، إنما ينصرف إلى أحد أمرين: إما أن يتوجه المنع في ذلك لمن ليس من أهل العلم ممن يُخاف أن تزل قدمه، ويتعلق قلبه بشبهة لا يقدر على التخلص منها…  والوجه الثاني: أن يتوجه المنع في ذلك إلى من يتكلم في ذلك بمذاهب أهل البدع ومخالفي السنة.[36]

خاتمة

بعد هذا العرض العلمي لأقوال مشيخة علماء المغرب في العقيدة الأشعرية السنية الجماعية، نذكر النتائج الآتية:

أولا: لقد أدرك علماء المغرب قديما وحديثا أهمية العقيدة الأشعرية في حفظ كليات الدين، وضمان استقرار الوطن، وإشاعة الطمأنينة في النفوس، والإسهام الفعال في تكوين المواطن الصالح الذي ينفع أمته ووطنه أجل النفع ولا يكون منه شر تجاه أحد من الناس.

ثانيا: لقد أولت المملكة المغربية بجميع مؤسساتها التي تعنى بالشأن الديني عناية خاصة للتراث العقدي الأشعري السني، تدريسا وتأليفا وطبعا وتحقيقا. واعتبرت العقيدة الأشعرية ثابتا من الثوابت الدينية الوطنية الراسخة.

ثالثا: تزخر الخزانات المغربية بالتراث العقدي الأشعري السني، إذ الخزانة الحسنية بالرباط وحدها تضم حوالي ألف وأربعمائة مخطوط (1400) في التراث العقدي الأشعري السني. وهذا العدد الهائل من المخطوطات في العقيدة الأشعرية السنية، كما يقول فضيلة الدكتور شوقي بنبين مدير الخزانة الحسنية بالرباط:” دليل واضح على اهتمام المغاربة بهذا المجال، وبرهان ساطع على عناية ملوك المغرب بترسيخ دعائم مذهب أهل السنة والجماعة بهذه الربوع”.[37]

رابعا: إن الناظر في فهارس مخطوطات العقيدة الأشعرية بالخزانات المغربية على كثرتها يستنتج مدى عناية سلاطين المملكة المغربية الشريفة بالعقيدة الأشعرية، واحتفال مشيخة علماء المغرب بالإمام الأشعري نفسه، الذي يعد بلا منازع مجدداً ورائداً روحيا لأهل السنة والجماعة بالمغرب والمشرق.

خامسا: إن العقيدة الأشعرية السنية التي ميزت الأمة المغربية عبر تاريخها العلمي والحضاري المتميز منذ أحد عشر قرنا تقريبا تحتاج اليوم إلى تبسيط وتجديد وتربية النشء على قيمها السمحة، كما فعل سلفنا في صناعة مؤلفات عقدية تربوية مبسطة تحمل عناوين دالة على مقصودها. من ذلك، العقيدة المسماة: “نصيحة الوالد للولد في توحيد من لم يلد ولم يولد” لأبي سعيد فرج بن قاسم بن لب التغلبي الغرناطي (ت782هـ).[38]

وكما فعل العلامة أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الغرناطي (ت741هـ) في العقيدة الموجزة التي افتتح بها كتابه “القوانين الفقهية” من باب تقديم الأهم كما يذكر.[39] وأبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي السبتي (ت544هـ) في كتابه “الإعلام بحدود قواعد الإسلام“.[40]

وكما فعل العلامة أبو محمد عبد الواحد ابن عاشر (ت1040هـ) في منظومته المسماة “المرشد المعين على الضروري من علوم الدين”، والعلامة عبد القادر الفاسي (ت1091هـ) في “عقيدة أهل الإيمان الموضوعة لتعليم النساء والصبيان”.

وغيرها من المتون العقدية النافعة التي اختارت التبسيط والضبط منهجا لها. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.

الهوامش

[1] – صحيح مسلم، كتاب، الإمارة. عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة”. وورد في بعض الروايات: لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة.

[2] – الفرق بين الفرق، ص: 395، تأليف الإمام الأستاذ أبي منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي، تحقيق محمد فتحي النادي، دار السلام، مصر، الطبعة الأولى، 1431هـ/2010م.

[3] – التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، تصنيف أبي المظفر شاهفور بن طاهر بن محمد الأسفراييني، ص: 417، تحقيق د. جيد الخليفة، دار ابن حزم، بيروت –لبنان، الطبعة الأولى 1429هـ/2008م.

[4] – مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تأليف الإمام أبي الحسن الأشعري، ص: 1، عني بتصحيحه هلموت ريتر، الطبعة الثالثة 1400هـ/1980م. دار النشر فرانز شتايز فيسبادن.

[5] – صلة الخلف بموصول السلف، ص: 460، تحقيق د. محمد حجي، طبعة دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1408هـ/1988م.

[6] – المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، 1342، تحقيق الدكتور جمال علال البختي.

[7] – نظم الفرائد ومبدي الفوائد لمحصل المقاصد، 1/260، تحقيق الباحث جمال زركي، كلية أصول الدين- تطوان.

[8] – شرح محصل المقاصد مما به تعتبر العقائد، دراسة وتحقيق الباحث محمد أيمن العَكِتي، لنيل الدكتوراه من كلية أصول الدين بتطوان، 2017/2018.

[9] – القانون في أحكام العلم، ص:171، تحقيق حميد حماني اليوسي، مطبعة فضالة –المحمدية، سنة 2013.

[10] – نفسه ص:171.

[11] – نفسه، ص: 172

[12] – حاشية العلامة محمد الطالب ابن الحاج على شرح ميارة لمنظومة العلامة سيدي عبد الواحد بن عاشر المسماة بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين، 1/15، دار الفكر، الطبعة الرابعة: 1398هـ/1978م.

[13] – انظر الدر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين، لابن عاشر المسمى بميارة الكبير، ص: 20، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، المغرب، 1429هـ/2008.

[14] – حاشية العلامة محمد الطالب ابن الحاج على شرح ميارة لمنظومة العلامة سيدي عبد الواحد بن عاشر المسماة بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين، 1/،16 دار الفكر، الطبعة الرابعة: 1398هـ/1978م، انظر أيضا كتاب: الأزهار الطيبة النشر فيما يتعلق ببعض المبادئ العشر، لأبي عبد الله محمد الطالب ابن الحاج السلمي، 4/209، تحقيق د. جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطوان أسمير، 1428هـ/2007م.

[15] – الملل والنحل، 1/93.

[16] – رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، ص:2، دار الحديث الكتانية، المصورة الأولى: 1433هـ/2012م.

[17] – نفسه، ص:3 وما بعدها.

[18] – القاضي عياض، ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، 1/ 25.

[19] –  نفسه، 5/24.

[20]–  حاشية العلامة محمد الطالب بن الحاج على ميارة، شرح المرشد المعين، ص: 16.

[21] – الأزهار الطيبة النشر، فيما يتعلق ببعض المبادئ العشر، لأبي عبد الله محمد الطالب ابن الحاج السلمي، 4/216، تحقيق د. جعفر ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطوان أسمير، 1428هـ/2007م.

[22]– القانون في أحكام العلم وأحكام العالم وأحكام المتعلم، ص: 171.

[23]– أربعون مسألة في أصول الدين، ص: 80.

[24] – عيون المناظرات، ص: 223، تحقيق سعد غراب، منشورات الجامعة التونسية، 1976.

[25]– أبو عبد الله محمد الحجوي، تجديد علوم الدين، درس ألقاه بجامع الزيتونة بتونس، مطبعة الثقافة سلا- المغرب الأقصى، شوال 1357.

[26] – الرائد في علم العقائد، تأليف العلامة العربي اللوه، ص: 11، مطبعة الحداد يوسف إخوان، تطوان.

[27]– فتاوى ابن رشد، 2/802، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، تقديم وتحقيق وتعليق الدكتور المختار بن الطاهر التليلي، طبعة دار الغرب الإسلامي. بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1987.

[28]– الأزهار الطيبة النشر، فيما يتعلق ببعض المبادئ العشر، لأبي عبد الله محمد الطالب ابن الحاج السلمي، 4/218، تحقيق د. جعفر الطالب ابن الحاج السلمي، منشورات جمعية تطوان أسمير، 1428هـ/2007م.

[29]– تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، ص 29، طبعة دار الكتب العلمية.

[30] – جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، 2/193، تحقيق أبو عبد الرحمن فواز أحمد زمرلي، دار ابن حزم، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى 1424هـ/2003م.

[31] – ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، 7 /77، تحقيق سعيد أعراب، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1402هـ/1982.

[32] – لسان الميزان، 5/291-292.

[33] – جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، 2/193، تحقيق أبو عبد الرحمن فواز أحمد زمرلي، دار ابن حزم، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى، 1424هـ/2003م.

[34] – فتاوى البرزلي، جامع المسائل والأحكام لما نزل من القضايا بالمفتين والحكام، 6/214، للإمام أبي القاسم بن أحمد البلوي التونسي، المعروف بالبرزلي، تحقيق الدكتور محمد الهيلة، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2002.

[35] – تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، عني بنشره القدسي، طبعة دار الكتاب العربي 1979.

 

[36] – انظر: المنتقى شرح الموطأ للقاضي أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، 9/267، تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1999.

 

([37]) فهرس الكتب المخطوطة في العقيدة الأشعرية، ص: 7، تأليف خالد زهري، وعبد المجيد بوكاري، منشورات الخزانة الحسنية، الطبعة الأولى، 1432هـ/2011م.

[38] – فهرست المنتوري، لأبي عبد الله محمد بن عبد الملك بن علي القيسي المنتوري، ص:156، تحقيق د. محمد بنشريفة، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء، الطبعة الأولى، 1432ه/2011م.

[39] – القوانين الفقهية، ص:9، ضبطه محمد أمين الضناوي، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان، الطبعة الثانية 1428ه/2006م.

[40] – الإعلام بحدود قواعد الإسلام، القاعدة الأولى وهي الشهادتان، ص:47-49، تحقيق محمد بن تويت الطنجي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية-المملكة المغربية، 1428هـ/2007م.

فهرس المصادر والمراجع

  1. الإنباء في شرح حقائق الصفات والأسماء، تأليف الحافظ أبي العباس أحمد بن معد الأقليشي الأندلسي المالكي، تحقيق د. أحمد رجب أبو سالم، دار الضياء، للنشر والتوزيع، الكويت، الطبعة الأولى، 1438هـ/2017م.
  2. الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، للإمام الحافظ أبي بكر بن العربي المعافري الإشبيلي، ضبط نصه عبد الله التوراتي، وخرج أحاديثه أحمد عروبي، طبعة دار الحديث الكتانية، طنجة، الطبعة الأولى، 1436هـ/2015م.
  3. أربعون مسألة في أصول الدين، لأبي عبد الله محمد بن خليل السكوني الإشبيلي، دراسة وتحقيق الأستاذ يوسف أحنانا، طبعة دار العرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1993.
  4. الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، للقاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني، تحقيق محمد زاهد الكوثري، طبعة مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1993.
  5. التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، لأبي المظفر الأسفراييني، دراسة وتحقيق: د. مجيد الخليفة، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 2008.
  6. تبيين كذب المفتري فيما نَسَبَ إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، عني بنشره القدسي، طبعة دار الكتاب العربي، 1979.
  7. ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، تأليف القاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي، تحقيق د. محمد بنشريفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، سنة 1983م.
  8. تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل، للقاضي أبو بكر الطيب الباقلاني، تحقيق عماد الدين أحمد حيدر، طبعة مؤسسة الكتب الثقافية – بيروت، 1987.
  9. التنبيه والإرشاد في علم الاعتقاد، منظومة في العقيدة الأشعرية للشيخ أبي الحجاج يوسف بن موسى الضرير، تحقيق: سمير قوبيع، محمد العمراني، نور الدين شعيبي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، الطبعة الأولى، 1435هـ/2014م.
  10. ثلاث رسائل: تجديد علوم الدين، الخطاب في الراديو، القول الفصل في أقصى أمد الحمل، للشيخ أبي عبد الله محمد الحجوي، مطبعة الثقافة- سلا- المغرب الأقصى، 1357.
  11. جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، لابن عبد البر، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه فواز أحمد زمرلي، مؤسسة الريان، دار ابن حزم، الطبعة الأولى، 2003.
  12. حاشية محمد الطالب بن الحاج، على شرح ميارة للمرشد المعين، دار الفكر، الطبعة الرابعة، 1987.
  13. حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي، المسماة: عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد، للإمام أبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي، الجزء الأول، تقديم وتحقيق وفهرست الدكتور حميد حماني اليوسي، مطبعة دار الفرقان للنشر الحديث، الدار البيضاء، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 2008م.
  14. حواشي اليوسي على شرح كبرى السنوسي، المسماة: عمدة أهل التوفيق والتسديد في شرح عقيدة أهل التوحيد، للإمام أبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي، الجزء الثالث، تقديم وتحقيق وفهرست الدكتور حميد حماني اليوسي، مطبعة دار الفرقان للنشر الحديث، الدار البيضاء، المملكة المغربية، الطبعة الأولى، 1437هـ/2016م.
  15. رسالة استحسان الخوض في علم الكلام، تأليف الإمام أبي الحسن الأشعري، طبعة دار الحديث الكتانية، طنجة، المصورة الأولى، 1433ه/2012م.
  16. الرائد في علم العقائد، العربي اللوه، مطبعة الحداد يوسف إخوان، تطوان، سنة 1995.
  17. صفات الله تعالى وما ورد فيها من الآي والأحاديث، تأليف الإمام محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي القرطبي المفسر، تحقيق وتعليق سيد إبراهيم عمران، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2001.
  18. عقيدة أبي بكر المرادي الحضرمي، تحقيق الدكتور جمال علال البختي، منشورات مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، الطبعة الأولى، 1433هـ/2012م.
  19. عيون المناظرات، أبو علي عمر السكوني، تحقيق سعد غراب، منشورات الجامعية التونسية، تونس، 1976.
  20. فتاوى ابن رشد، لأبي الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي، تقديم وتحقيق وجمع وتعليق الدكتور المختار بن الطاهر التليلي، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1987.
  21. الفرق بين الفرق، للإمام عبد القاهر البغدادي، طبعة دار الآفاق الجديدة، بيروت، الطبعة الرابعة، 1980.
  22. القانون في أحكام العلم وأحكام العالم وأحكام المتعلم، لأبي المواهب الحسن بن مسعود اليوسي، تحقيق حميد حماني اليوسي، مطبعة فضالة- المحمدية، الطبعة الثانية، 1998.
  23. الكتاب المتوسط في الاعتقاد والرد على من خالف السنة من ذوي البدع والإلحاد، تحرير الحافظ أبي بكر بن العربي المعافري الإشبيلي، ضبط نصه وخرج أحاديثه الدكتور عبد الله التوراتي، طبعة دار الحديث الكتانية، طنجة، الطبعة الأولى، 1436هـ/2015م.
  24. الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة، لأبي الوليد بن رشد، مع مقدمة في نقد مدارس علم الكلام، الدكتور محمود قاسم.
  25. لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، لأبي الحجاج يوسف بن محمد المكلاتي، تحقيق د. فوقية حسين، طبعة دار الأنصار، القاهرة، الطبعة الأولى، 1977.
  26. لحن العوام فيما يتعلق بعلم الكلام، تأليف الإمام أبي علي السكوني، إعداد عبد القادر أزمامة، مجلة معهد المخطوطات العربية، الطبعة الأولى، 1997.
  27. اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، لأبي الحسن الأشعري، صححه وقدم له وعلق عليه، الدكتور حمودة غرابة، المكتبة الأزهرية للتراث، بدون تاريخ.
  28. المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، لأبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي، تحقيق الدكتور جمال علال البختي، منشورات مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوث العقدية بتطوان، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، الطبعة الأولى، 1438هـ/2017م.
  29. مشكل الحديث، لأبي محمد عبد الجليل بن موسى القصري، تحقيق محمد فتحي النادي، طبعة دار الكلمة، مصر، الطبعة الأولى، 2011.
  30. مجرد مقالات أبي الحسن الأشعري، من إملاء الإمام أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك، تحقيق دانيال جيماريه، طبعة دار الشروق، بيروت.
  31. مذاهب الإسلاميين، الجزء الأول: المعتزلة والأشاعرة، د. عبد الرحمن بدوي، طبعة دار العلم للملايين، بيروت، 1983.
  32. مشكل الحديث وبيانه للإمام أبي بكر بن فورك، تحقيق وتعليق موسى محمد علي، طبعة عالم الكتب، بيروت، الطبعة الأولى، 1985.
  33. المواقف في علم الكلام، للقاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي، حققه د. عبد الرحمن عميرة، طبعة دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1977.
  34. مقدمة ابن خلدون، تأليف عبد الرحمن بن خلدون، تحقيق د. عبد الواحد وافي، طبعة نهضة مصر، 2004.
  35. مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، لأبي الحسن الأشعري، عني بتصحيحه: هلمت ريتر، طبعة دار النشر فرانزشتاير بفيسبادن، الطبعة الثالثة، 1980.
  36. الملل والنحل، لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني، تحقيق محمد سيد الكيلاني، طبعة دار المعرفة، بيروت، 1975.
  37. المنتقى، شرح موطأ مالك، تأليف القاضي أبي الوليد سليمان بن خلف الباجي، تحقيق محمد عبد القادر أحمد عطا، دار الكتب العلمية، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1420هـ 1999م.
  38. نظم الفرائد ومبدي الفوائد في شرح محصل المقاصد، لابن زكري التلمساني، تأليف الشيخ أبي العباس أحمد بن علي المنجور الفاسي، تحقيق عبد الرزاق دحمون، دار ابن حزم، بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1435هـ/2014م.
  39. النشر على الشيخ الطيب على توحيد ابن عاشر، الشيخ إدريس بن أحمد الوازني، المطبعة المصرية بالأزهر، بدون تاريخ.