الخصائص الكبرى للدرس الحديثي في الغرب الإسلامي



الخصائص الكبرى للدرس الحديثي في الغرب الإسلامي

ذ. إدريس ابن الضاوية

رئيس المجلس العلمي المحلي للعرائش

 

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد، فقد فقه المغاربة عبر تاريخهم الطويل قدر السنة النبوية  الشريفة، وأدركوا ضرورتها في بيان مجمل مراد الله تعالى، وتعيين مواقع الاقتداء في سيرة نبيه صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله تعالى نموذجا لرحمته، ووسيلة لبلوغ مرضاته؛ فحققوا في أنفسهم شواهد هذا الاقتداء بالعلم والفضل، والأحوال الصالحة، والمذاهب الجميلة المؤسسة عليه؛  وعكفت عصبة منهم منتجبة منذ عرفت بلادهم  الإسلام للعناية بها، وخضعت بالاختيار لأحكامه على جمعها من مظانها، وتصنيفها بقصد تهذيبها وتقريبها، وتبيين رتب رواتها وطبقات حمالها،  وتحديد مداليلها بلحاظ أشباهها ونظائرها، وتعيين المقصود منها باعتبار شروط التنزيل التي لا يخطئها نظر الفطن البصير الذي يرعى الكليات المحكمات.

ودل على انبساط ميادين جمعهم لمتعلقاتها المنتهية بالسند إليهم مع البصر بالعلل وتمييز الرجال؛ قول العلامة أبي محمد علي بن أحمد ابن حزم الأندلسي: .. فلا يحل لأحد إيجاب غرامة على أحد إلا أن يوجبها نص صحيح، أو إجماع متيقن؛ فأما النص الصحيح، فقد أمنا وجوده بيقين هاهنا، فكل ما روي في ذلك منذ أربعمائة عام ونيف وأربعين عاما من شرق الأرض إلى غربها قد جمعناه في الكتاب الكبير المعروف ب “كتاب الإيصال” ولله الحمد، وهو الذي أوردنا منه ما شاء الله تعالى، فإن وجد شيء غير ذلك فما لا خير فيه أصلا، لكن مما لعله موضوع محدث[1].

وما ذكره ابن حزم من قوة الاشتغال الحديثي في الغرب الإسلامي تقميشا وتفتيشا وتخريجا واستدلالا، يقويه مستوى أعلام الغرب الإسلامي الكبار في التمكن من هذا الفن، وإحسان التخصص فيه، وإجادة التأليف في فنونه المختلفة، والتمييز بين أصول الروايات المتنوعة، والتفريق بين مراتب توصيفات النماة المتباينة، والتفصيل لدرجات أنواع المرويات المتناقلة.

وقد توثقت إسهاماتهم في هذا الفن الملي الحسي في كتب جمهرة تراجم علماء الغرب الإسلامي، وسائر كتب التراجم المؤرخة لتنقلاتهم وأنواع رحلاتهم، ووجهات طلبهم، ومواقع إفاداتهم واستفاداتهم، وأعيان مشايخهم، وقدر تلاميذهم، وأنواع تصنيفاتهم وتوصيفاتهم ومكاناتهم، وطيب آثارهم، وطبيعة مهامهم في المجتمع والدولة؛ مثل: مسعود بن علي بن المنصور المصمودي الصلتاني المنفي من كورة طنجة ـ كان حيا سنة 518ه[2]. وأبي الحسن علي بن أحمد بن علي الأنصاري، طليطلي استوطن مدينة فاس.[3] أجاز له أبو بكر بن العربي.. وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد السهيلي المتوفى سنة 581ه. وأبي العباس أحمد بن سحنون بن أبي بكر بن علي القيسي المتوفى سنة 581ه[4]. وأبي بكر أحمد بن أبي المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن سعيد بن جزي، البلنسي المتوفى سنة 583ه.[5] وأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن كوثر المحاربي، الغرناطي، ابن كوثر المتوفى سنة 589ه.[6] وأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن حسين التميمي، السبتي[7]. وأبي الحسن الباجي عقيل بن محمد بن أحمد بن عبد الله الخولاني، الشلبي الباجي الأصل باجة الغرب، وابن العقل (القرن السادس الهجري)[8]. وأبي عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الكريم التميمي، الفاسي المتوفى سنة 603ه أو 604ه.[9] وأبي الحجاج يوسف الزناتي ـ وكان محدثا زاهدا ورعا فاضلا، حيا بمراكش سنة تسع وست مئة.[10] وأبي الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأنصاري الأوسي، قرطبي سكن مراكش ثم رباط الفتح وتوفي سنة 622ه[11].وابن القطان الفاسي علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي. 628ه. وأبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن خلف بن فرج بن صاف المراكشي المالكي المعروف بابن المواق 642ه. وأبي عبد الله عبد الواحد بن محمد بن بقي الجذامي، المالقي سكن بأخرة مراكش المتوفى سنة 637ه. وأبي عبد الله محمد بن محمد بن أبي بكر الجذامي، السبتي، وهو سبط أبي عمرو عثمان ابن الجميل[12]. وأبي عبد الله محمد بن عمر بن محمد. محب الدين ابن رشيد الفهري السبتي المتوفى سنة 721ه؛ إلى أن نصل إلى حفاظ المغرب المتأخرين، ومحدثيه المتمهرين مثل: الحافظ أبي العلاء إدريس العراقي الفاسي؛ والحافظ محمد بن جعفر الكتاني صاحب الرسالة المستطرفة؛ والحافظ محمد عبد الحي الكتاني صاحب فهرس الفهارس؛ والحافظ أبي شعيب بن عبد الرحمن الصديقي الدكالي؛ والحافظ أحمد بن الصديق الغماري؛ وشقيقيه الحافظ السيد أبي الفضل عبد الله؛ والعلامة سيدي أبي اليسر عبد العزيز، والدكتور إبراهيم بن الصديق رحمهم الله جميعا.

ونكتفي من هذه الكوكبة المنتخبة عبر تاريخ عصر الرواية في التعاطي مع علوم الإسناد وقضاياه النقدية التي عليها الاعتماد بذكر هذه الطائفة من المحدثين الكبار الذين وقَّعُوا في فنون هذا العلم بشكل لافت يدل على التميز المغربي في علم الإسناد على مستوى الحفظ والشهرة بالثقة، والضبط والإتقان، واستذكار الأسانيد وتحديد مضامين المتون، والبصر بالتعديل والتجريح، ومواضع الرواة من البلدان، مع البصر بمتشابه أنسابهم، وحقيقة أسمائهم وكناهم وطبقاتهم ووفايتهم…

ومما يلفت نظر المتتبع لأقوال أهل العلم في نشأتهم ورحتلتهم ومشيختهم التي عرفت في مسنداتهم أو سموا في مصادر ترجمتهم، وتلاميذهم الذين شهروا بحسن أدائهم عنهم، أو ذكروا في كتبهم أو في مصادر ترجمتهم أو تراجمهم، أو وردوا في أنواع الفهارس والأثبات والمعاجم والمشيخات والرحلات، أو بعض كتب الطبقات أنهم تميزوا في بال العناية بالحديث بعدة أمور:

أولا: احترام توصيفات الأئمة المتقدمين، واعتماد أحكامهم على المصنفات ونصوصها المسندات، ومراتبها المستحقات، وما اندرج منها في صحيح  العمليات، وما سقط منها في صادق الاعتبارات، وتكلفهم تتبع مواقع المصنفات بتحمل مشاق التنقلات،  لقصد من تحملها من السابقين لهم في السماع بالشرط المتسالم عليه بين الأئمة المعللين لتحصيل المبتغى  من التشرف بتحمل الأصول  وأدائها على الوجه الذي بلغت به، وفاء للوراثة التي لا يجوز في حقها عندهم إلا الائتمان الواعي لهيأة الصدور التي لا تشوش عليها النفسيات، ولا مقولات النابتات.

ويتبين ذلك للبصير من خلال وفائهم لسلسلة مسنداتهم وإقرارهم بأحكام مشايخهم وتسليمهم بما بلغهم من أنواع الطرق المعتبرة عن سالفيهم، المبينة من خلال وسائطها المعلومة عن حقيقة نسبة المروفوعات إلى النبي صلى الله عليه وسلم طريقا وموضوعا، ومعاني السياقات المنتهية إليه ـ شرفه الله وعظم ـ تحقيقا وتنزيلا.

وقد نص على هذا المذهب المتفق عليه بين المخالطين لصنعة الحديث، المراعين لطبيعة وظيفة خطة التحديث، الحافظ ابن الصلاح في قوله: إذا وجدنا فيما يروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثا صحيح الإسناد، ولم نجده في أحد الصحيحين، ولا منصوصا على صحته في شيء من مصنفات أئمة الحديث المعتمدة المشهورة، فإنا لا نتجاسر على جزم الحكم بصحته، فقد تعذر في هذه الأعصار الاستقلال بإدراك الصحيح بمجرد اعتبار الأسانيد؛ لأنه ما من إسناد من ذلك إلا ونجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابه، عريا عما يشترط في الصحيح من الحفظ والضبط والإتقان. فآل الأمر إذا في معرفة الصحيح والحسن إلى الاعتماد على ما نص عليه أئمة الحديث في تصانيفهم المعتمدة المشهورة، التي يؤمن فيها لشهرتها من التغيير والتحريف، وصار معظم المقصود بما يتداول من الأسانيد خارجا عن ذلك إبقاء سلسلة الإسناد التي خصت بها هذه الأمة، زادها الله تعالى شرفا، آمين[13].

وأيقظ إلى هذا الاقتداء في مراتب الروايات في تنصيصات السابقين، العلامة ابن خلدون في قوله: اعلم أن الأحاديث قد تميزت مراتبها لهذا العهد ـ يقصد زمنه ـ بين صحيح وحسن وضعيف ومعلول وغيرها تنزلها أئمة الحديث وجهابذته وعرفوها، ولم يبق طريق في تصحيح ما يصح من قبل. ولقد كان الأئمة في الحديث يعرفون الأحاديث بطرقها وأسانيدها بحيث لو روي حديث بغير سنده وطريقه يفطنون إلى أنه قلب عن وضعه .. واعلم أيضا أن الأئمة المجتهدين تفاوتوا في الإكثار من هذه الصناعة والإقلال .. إلا أنه لا يعدل الصحيحين لأن الشروط التي اعتمدها البخاري ومسلم في كتابيهما مجمع عليها بين الأمة كما قالوه؛ .. ومن أجل هذا قيل في الصحيحين بالإجماع على قبولهما من جهة الإجماع على صحة ما فيهما من الشروط المتفق عليها. فلا تأخذك ريبة في ذلك فالقوم أحق الناس بالظن الجميل بهم، والتماس المخارج الصحيحة لهم[14].

ثانيا: أنهم كانوا ممن جعلوا بين أعينهم قول الله تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)[15]. فأسهروا ليلهم، وأظمأوا نهارهم، وأتعبوا مطيهم، واغتربوا عن بلادهم في رحلات واسعة ـ شملت مواقع الرواية، ودور الراوين ـ لم يقنعوا فيها بالإجازة التي يستروح لها المنعمون، ويغتني بها القانعون، ويكتفي بها المتعجلون، بل أكثروا سماعاتهم ووفروا فوائدهم، وأعلوا رواياتهم ـ  التي تدل عليها حسب ما يناسب طبقاتهم:  ثنائياتهم، وثلاثياثهم، ورباعياتهم، وخماسياتهم، وسداسياتهم، وسباعياتهم، وثمانياتهم، وتساعياتهم، وعشارياتهم ـ، ووسعوا مشيخاتهم، التي تطلبوها في بلاد كثيرة، وأصقاع عديدة شملت مدن الرواية بالغرب الإسلامي التي عرف القائمون على علم الحديث فيها بإتقان أخذ مصادر السنة أخذا صحيحا  سماعا ومقابلة، وإعلاء[16]، وضبطا[17] ، ووجها، وتصحيحا[18]، وتعاهدا وحفظا[19]، وتعليقا بما يضيء تراجم الرواة، ويدل على معاني الغامض من الألفاظ[20]، حتى قال أبو يحيى ابن الأشج لما ورد من أهل المشرق وسئل إسماع صحيح البخاري الذي كان يرويه: لا يراني الله أحدث به والأصيلي حي أبداً، فلما مات الأصيلي أسعف.[21]

وصيرهم هذا المنحى في شدة التحري في ضبط الرواية، وقوة الائتمان على مخارجها، متفردين بالأصول الروائية النفيسة، والأجزاء الحديثية العزيزة، مثل نسخة صحيح البخاري التي خطها الأصيلي بيده[22]، وضبطها بشكل نفسه[23]، وصححها بمعارضته وطيب مقارنته، ووثق اختلافاتها بهامش أصله، وقرأها على قاصديه على طريقة سلفه.

وقد اعتمدها القاضي عياض في تصحيح الأوهام في الحروف والألفاظ والأسانيد الواقعة في النسخ المعتمدة في الدراسة والرواية والشرح والتعليق من الموطأ والصحيحين في كتابه السائر: مشارق الأنوار على صحاح الآثار، فصحح على ضوئها أصح طرق روايات الموطأ والصحيحين[24] وغيرهما، إلا أحرفا صححها الأصيلي بنفسه[25]، وأخرى اختلفت الروايات فيها فوجهها له[26]، وأخرى خطأه فيها بإعمال المعارضة ومراعاة السياق ومساندة اللغة في تضعيفها في مصدرها لا في رسمها الذي راعى فيه الأصيلى حق الرواية التي كان يوجب إسماعها على وجهها في نقل الأثبات ورسم أصولهم، ولا يسمح لأحد كائنا من كان في العلم والفهم ومعرفة تفنن العرب في تخاطبها، أن يتسور عليها بالرأي أو الإلف أو يظهر ها بالاستعمال السائر.[27]

ولم يكن المغاربة يقبلون ذلك من أي كان ممن جلس إلى الناس للإسماع، حفاظا على رسم الرواية، ووفاء لحق تناقلها الذي يفرض الائتمان على سياقها كما سُمِعَ، حتى لا يتغير وجه النقل للأصل فيصير مع الزمن شيئا آخر لا يصلح معه إذ ذاك إسناد، وإن ادعي بالطرق المعتبرة الصحاح.

ومن الأمثلة الدالة على ذلك، قول أبي عبد الله محمد بن محمد المراكشي في ترجمة أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الحميري المالقي الإستجي الأصل الذي كان حيا سنة تسع وثلاثين وست مئة: ..أخذ ببلده عن أبي بكر عتيق بن خلف المربيطري، وابني حوط الله، والحاج أبي عبد الله ابن صاحب الصلاة، وأبي محمد ابن القرطبي, وبقرطبة عن أبي جعفر بن يحيى. روى عنه أبو بكر بن خميس، وأبو الحكم مالك شيخنا. وكان ذا مشاركة في فنون العلم، يغلب عليه الأدب، أقرأ بجامع مالقة، وقرئ عليه “صحيح البخاري” فاستجره غالب أدبه على كلام في بعض أحاديث الجامع نقم عليه، فقطع الإقراء وتحول إلى غرناطة..[28].

ـثالثا: أنهم كانوا يشترطون على أنفسهم ألا يقرؤوا شيئا من الدواوين، أو يرووا أصلا من مؤلفات المحدثين المعتمدين، إلا بإسناد متصل إلى راوي ذلك الحديث، أو مؤلف ذلك الكتاب للراوي والمؤلف معا، كي يضمن الاتصال بصانعه على شرط الوثاقة الجامعة بين الصدق والضبط، وحقيقة الاتصال الذي يطمئن به على صحة التناقل، ثم إبقاء على خصيصة الإسناد الذي لا تنقطع بها النقول عن هيئة الصدور، ثم تشرفا بسلسلة الإسناد الذي هو مما ميز الله به هذه الأمة دون سائر الأمم، وبين نقص غيرهم على لسان النبي صلى الله عليه وسلم في إسقاط عدالتهم، وعدم جواز الرواية بالعنعنة المنقطعة عنهم بقوله: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار[29]» .. أي لا حرج في إسقاط الرواية عنهم، حيث لم يكونوا أهلا للضبط والعدالة[30].

وقد صح عن محمد بن سيرين أنه قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم[31]. ونقل عن عبد الله بن المبارك: الإسناد عندي من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ولكن إذا قيل له من حدثك بقي.[32] أي بقي ساكتا منقطعا مفحما.[33] قال عبدان راوي هذا الحديث عن ابن المبارك: ذكر ـ أي عبد الله بن المبارك ـ هذا عند ذكر الزنادقة وما يضعون من الأحاديث.[34]

ولذلك كان جمهور حراس الحديث في مختلف الطبقات، ينهون عن إسقاط الإسناد غاية النهي، حتى أنهم لم يرووا حكايةً ولا شعراً إلا بالإسناد إلى المروي عنه، حتى لا يدعي أحدٌ كلام غيره أو شعر غيره، فقد فعله كثيرٌ ممن فضحه الله ببركة الإسناد وجهابذته، فما ظنك بالحديث والتفسير والفقه الذي هو علم الشريعة خاصةً من بين سائر العلوم، حتى لو أوصي لأهل العلم أو لعلماء الشرع لم يصرف إلا إلى علماء التفسير والحديث والفقه، وناهيك بهم شرفاً.

فكان المغاربة المشتغلون بصنعة الحديث على اختلاف طبقاتهم على شعار أهل الحديث المؤسسين في الالتزام بذكر إسناد الكتاب المقروء أولاً، إسناد يقول فيه : أخبرنا فلان بن فلان بن فلان إجازةً أو قراءةً عليه، أو سماعاً، على ما تقتضيه روايته عن شيخه، أو يقول: أخبرنا فلانٌ هكذا إلى مؤلفه، ثم يقول: قال رحمة الله عليه كذا وكذا، وفي كل مجلس يعيد ذلك الإسناد إلى مؤلفه، أو يقول بالإسناد المذكور إلى مؤلف هذا الكتاب: فلان قال رحمة الله عليه كذا وكذا، ولا يهمل ذلك، فلا يجوز غيره، في كل مصنف في كل أنواع  العلوم.[35]

وفي أن يُطْلق اللفظ في كل ما يرويه الراوي مسندا بـالصيغة المصدقة لوجه تحمله، فيقول فيما سمعه من لفظ الشيخ مع غيره: حدثنا فلان، وبمفرده: حدثني، فإن كان الشيخ حدثه من لفظه، قال: أملى من حفظه، وإن كان من الكتاب، قال: قراءة من لفظه وكتابه.. فإن شك في شيء من ذلك أخذ بأقلها مرتبة، كما إذا شك في التحديث والإخبار أخذنا بالإخبار، أو شك في السماع والإجازة، وقال: أنبأنا إجازة إن لم يكن سماعا، هذا هو الاحتياط، في كل فصل منه خلاف مذكور في كتب الأئمة.

وبقي المغاربة على هذا السنن الذي لا يكاد يستثنى منه أحد من العلماء المُحَصِّلين، ممن كتب عليه أن يشتغل بالعلوم الملية كما تدل على ذلك كتب التراجم ـ التي تنوه بحمل المترجم مسندا كما في الأندلسيات ـ وكتب الرحلات والفهارس والأثبات والمعاجم والبرامج والمشيخات والمسلسلات واستدعاءات الإجازات.

ومن أنفس ما ينقل من شواهده المصدقة لها، قول العلامة ابن خير الإشبيلي: إن في الإجازة فائدتين، إحداهما: استعجال الرواية ند الضرورات، والثانية: الاستكثار من المروي حتى لا يكاد أن يشذ عمن استكثر من الروايات حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا وقد احتوت روايته عليه فيتخلص بذلك من الحرج في حكاية كلامه من غير رواية. فقد سمعت الخطباء على المنابر، وأعيان الناس في المشاهد والمحاضر، يذكرون أقوال النبي صلى الله عليه وسلم ولا رواية عندهم لها. وقد اتفق العلماء، رحمهم الله، على أنه لا يصح لمسلم أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، حتى يكون عند ذلك القول مرويا ولو على أقل وجوه الروايات، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار»، وفي بعض الروايات: «من كذب علي…» مطلقا دون تقييد[36].

رابعا: أنهم كانوا يحسنون انتقاء الشيوخ، ويجيدون تتبع مواقع ذوي الرسوخ في مختلف العلوم والفنون كما يظهر ذلك جليا في معاجمهم وأثباتهم ومشيخاتهم ومسلسلاتهم وفهارسهم وما يؤلفون من كتب مختلفة بشرط الإسناد إلى المصنفات المسندة الجامعة لشرطهم في الأصول المعتمدة في العزو: صحة إسناد، وسلامة أصول، وحسن عزو، وقويم فهم…

قال ابن خير في معرض بيان شروط الحمل: ومنها اختيار الثقة المشهور بالرواية والحفظ والإتقان لما جمع المرتسم باتباع السنة وترك الابتداع[37]. تأسيا بإمام مذهبه مالك بن أنس رحمه الله الذي كان يوصي طلابه بتقوى الله وطلب العلم عند أهله[38].

وقد حمله هذا الشرط على تضعيف من يروي عمن لا تقبل روايته؛ لأنه لا يؤمن أن يضيف إلى الدين ما ليس منه، أو أن يلصق بالشريعة ما عملته أيدي المتروكين؛ وكان كثيرا ما يقول: من روى عن ضعيف فقد بدأ بنفسه[39].

ولذلك قال سفيان الثوري: “خذ الحلال والحرام من المشهورين، وما سوى ذلك فمن المشيخة”. وأسند الحافظ السلفي إلى يحيى بن معين قوله: “إذا كتبت فقمش، وإذا حدثت ففتش”. وإلى ابن صاعد قوله: قال لي إبراهيم بن أورمة: “اكتب عن كل إنسان، فإذا حدثت فأنت بالخيار”. وإلى عبد الرحمن بن مهدي قوله: “الحفظ الإتقان، ولا يكون إماماً من حدث عن كل من رأى، ولا من حدث بكل ما سمع”.

قال الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي الأصبهاني عقبه: والأصل في الطلب الأخذ عن العلماء، والإقبال على ما يرويه أعيان الفقهاء، وإن كانت روايتهم نازلة من حيث العد والإحصاء، فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة.

وعزز قوله بقول الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي: حدثني صُحَيْبٌ لنا كان معنا يقال له محمد بن أحمد بن محمد بن إسحاق الهروي قال: سمعت محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري يقول: سمعت عبد الله بن هاشم الطوسي يقول: كنا عند وكيع فقال: الأعمش أحب إليكم عن أبي وائل عن عبد الله؟ أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟  فقلنا: الأعمش عن أبي وائل أقرب! فقال: الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة: فقيه عن فقيهٍ عن فقيهٍ عن فقيهٍ”. سمعت الشيخ أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ بأصبهان يقول: النزول عن نسيبك أبي الطيب حبيب بن محمد الطهراني، وأبي بكر محمد بن عمر بن عزيزة، وأبي أحمد حمد بن حنة المعبر، وأمثالهم من شيوخنا، أحب إلي من العلو عمن سواهم، فإنهم فقهاء ثقاتٌ يدرون ما يروون. سمعت عفان بن غالب الأزدي المقرئ ببغداد يقول: عندنا بالمغرب ربما وجد كتابٌ بالعلو عند رجلٍ، إلا أنه لا يكون عالماً بما يرويه، أو غير ثقة، فيتركونه ويقرؤونه بالنزول على فقيهٍ ثقةٍ، ويعتدون به؛ أخذ هذا المذهب خلفنا عن سلفنا علماء المغرب“.

وختم الحافظ السلفي بإسناد قول عبد الله بن المبارك: ليس جودة الحديث قرب الإسناد، جودة الحديث صحة الرجال.  وقول يحيى بن معين: “الحديث بالنزول خيرٌ من علو عن غير ثبتٍ”.. ثم قال السلفي: هذا هذا، فأما إذا ما اجتمع في الشيخ علو الإسناد والعلم بالحديث، فهو المُنَى، وناهيك به نبلا[40].

خامسا: أنهم ألزموا أنفسهم أداء الرواية على هيئة صدورها بأسماء رواتها ورسم سياق ألفاظها الحاملة لمعانيها، حتى لا يتذرع بالتصرف في اللفظ باستعاضته بمقاربه في المعنى إلى القول في الدين بما لم يعرفه المتفقهون المعتمدون من أهل السنة، المقتفون لآثار وُرَّاث العلم المدني عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة المدنيين. وقد كان مالك رحمه الله في ذلك بالمحل التي تنتهي إليه فيه الصفة؛ فعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنبانا أبي، عن مالك، أنه قال: ما كان من الحديث عن غير رسول الله فلا بأس أن يؤتى به على المعنى وما كان عن رسول الله فيؤتى اللفظ كما قال[41].

وقال أشهب: سألت مالكا عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر، والمعنى واحد؟ فقال: فأما ما كان منها من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أكره ذلك، وأكره أن يزاد فيها وينقص، وما كان من غير قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أرى بذلك بأسا، إذا كان المعنى واحدا. قيل له: أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد الواو والألف، والمعنى واحد؟ قال: أرجو أن يكون خفيفا[42].

قال أبو بكر الأبهري البغدادي المالكي: إنما كره تغيير كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحروفه، لأن في كلامه من الفوائد والمعاني ما ليس في كلام غيره، فوجب نقلها على ما سمعت منه، لأنه قد يجوز أن يفقه منها المنقول إليه، ما لم يفقهه الناقل. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضر الله عبدا سمع منا حديثا فأداه كما سمعه، فرب حامل فقه ليس بفقيه، ورب مبلغ أوعى من سامع. فلهذا استحب مالك رحمه الله أن يؤدى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على لفظه وحروفه، لأن الفقه والأحكام تستنبط من كلامه وحروفه، فأما كلام غيره فالاختيار أن يؤدى كذلك فإن أدي على المعنى جاز، لأنه لا يستنبط من كلام غيره وحروفه كما يستنبط ويفهم من كلامه، ويجوز مخالفة ما فهم من كلام غير النبي إلى غير كلامه[43].

ولذلك كان مالك بن أنس يتقي في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأداء الباء والتاء ونحوهما كما قال معن بن عيسى[44]. ولا يحمل عمن يُثَبج الحديث، فيخلط في روايته ولا يأتي بالحديث سليما على وجهه[45].

وسئل عن الأحاديث يقدم فيها ويؤخر والمعنى واحد. فقال: أما ما كان من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي أن يقوله إلا كما جاء، وأما لفظ غيره فإذا كان المعنى واحداً فلا بأس به. قيل فحديث النبي صلى الله عليه وسلم مزاد فيه الواو والألف والمعنى واحد. قال أرجو أن يكون خفيفاً[46].

وقال الحافظ أبو عمر ابن عبد البر تعليقا على ما جاء في حديث مالك عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت: أتيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون. وإذا هي قائمة تصلي. فقلت: ما للناس؟ فأشارت بيدها نحو السماء، وقالت: سبحان الله. فقلت: آية؟ فأشارت برأسها أن نعم. قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي. وجعلت أصب فوق رأسي الماء، فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه. ثم قال: “ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا. حتى الجنة والنار. ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال لا أدري أيتهما قالت أسماء..[47]. وفي قوله: “مثل أو قريب من فتنة الدجال”، دليل على أنهم كانوا يراعون الألفاظ في الحديث المسند وهذا في طائفة من أهل العلم وطائفة يجيزون الحديث بالمعاني وهذا إنما يصح لمن يعرف المعاني ومذاهب العرب وهو مذهب ابن شهاب وعطاء والحسن وجماعة غيرهم وكان مالك لا يجيز الإخبار بالمعاني في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قدر على الإتيان بألفاظه ثم أسند إلى عبد الله بن وهب قوله: سمعت مالكا وسئل عن المسائل إذا كان المعنى واحدا والكلام مختلف فقال لا بأس به إلا الأحاديث التي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله: سأل مالكا رجل فقال: الكتاب يعرض عليك فينقلب به صاحبه فيبيت عنده أيجوز أن أحدث به؟ قال: نعم. ثم قال: هذا خلاف رواية أشهب؛ لأن أشهب روى في مثل هذا المعنى أخشى أن يزاد في كتبه بالليل، ومحمل الروايتين عندي على أن الثقة جائز أن يعار الكتب، ثم يحدث بما استعار من ذلك، وأما غير الثقة المأمون عليها فلا[48].

وهذا المنحى الموجب لوعي المسموع وحفظ سياقه كما خرج من مصدره، هو مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يحتديه المترئسون المتأمرون في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في مواقع الاقتداء، كما يظهر من قول عبد الله بن عباس: لما ارتقى عمر المنبر، أخذ المؤذن في أذانه، فلما فرغ من أذانه، قام عمر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد، فإني أريد أن أقول مقالة قد قدر أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن وعاها وعقلها وعلمها وحفظها فليتحدث بها حيث ينتهى به، ومن خشي أن لا يعيها فإني لا أحل لأحد أن يكذب علي[49]. وقول قيس بن عباد: سمعت عمر يقول: من سمع حديثا فرد كما سمع فقد سلم[50].

وهو أيضا مذهب ابنه عبد الله الذي كان مالك يتتبع آثاره ويقتفي أخباره؛ فقد كان رضي الله عنه يشدد لفظ الحديث، وينهى عن تغيير الشيء منه[51]؛ حتى قال الثقة الصدوق المأمون خالد بن سعيد أخو إسحاق ابن سعيد عن أبيه: ما رأيت أحدا كان أشد اتقاء للحديث من ابن عمر[52].

ويمثل لمذهبه في ضرورة موافقة الأداء لهيئة صدوره، ما رواه أبو مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «بني الإسلام على خمسة، على أن يوحد الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، والحج»، فقال رجل: الحج، وصيام رمضان، قال: «لا، صيام رمضان، والحج». الذي ذيله عبد الله بن عمر بقوله: هكذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم[53].

وقول يَعْفُرَ بن روذِي: سمعت عُبيد بن عمير وهو يقصُّ يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَثَل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغَنمين”. فقال ابن عمر: ويلكم، لا تكذبوا على رسول الله صلي الله عليه وسلم، إنما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغَنمين”[54].

بل كان على هذا السنن كبير علماء الحجاز الذين آل إليهم أمر الرواية في أزمانهم، وانتهى علم الإسناد إليهم في أمصارهم فقد ذكر أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق عن ابن عيينة قال: محدثو الحجاز: ابن شهاب، ويحيى بن سعيد، وابن جريج، يجيئون بالحديث على وجهه[55]. أي أنهم لم يكونوا يتقصدون تغيير رسم بعض حروف السياق خشية التبديل الذي قد يخالف في الفهم، المراد من صدوره؛ وكذلك كان حال محمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، ورجاء بن حيوة[56]، وغيرهم ممن رضي مدرستهم في الحفاظ على نبويات الألفاظ المقصود بمعانيها التعبد، بشرط الفهم الصحيح الذي يراعي الأصول المحكمة وما يليق بها.

والحمد لله رب العالمين.


[1] المحلى بالآثار، 11/ 25. قال الذهبي: “الإيصال إلى فهم كتاب الخصال”، خمسة عشر ألف ورقة. سير أعلام النبلاء، 18/193.

[2] التكملة لكتاب الصلة، 5/ 278. وقال فيه: روى- فيما أحسب- عن أبي القاسم الحسن بن عمر الهوزني. وكان محدثا، حيا سنة ثمان عشرة وخمس مئة.

[3] التكملة لكتاب الصلة، 3/144. وقال فيه: تلا بالسبع على أبي الحسن: شريح وعبد الرحيم الحجاري، وروى عن أبي بكر: ابن طاهر بن فندلة، وأبي عبد الله حفيد مكي، وأجاز له أبو بكر ابن العربي. روى عنه أبو البقاء يعيش، وحدث عنه بالإجازة أبو الحسن ابن القطان؛ وكان محدثا عدلا فاضلا، يعيش من تجارته بسوق القراقين، وقد تصدر بفاس للإقراء وإسماع الحديث.

[4] الذيل والتكملة، 1/ 304.

[5] الذيل والتكملة، 1/ 375. وقال فيه: كان محدثا حافظا ماهرا في صنعة الحساب، بارعا في علم الفرائض غلبا عليه متصدرا لإقرائهما بجامع بلنسية. وكان ثقة صدوقا، حسن الخط كتب الكثير، وعني بالعلم عناية تامة، وعمر فعلت سنه وانفرد بالرواية عن أبي محمد ابن السيد بالسماع ولم يكن له منه إجازة.

[6] الذيل والتكملة 3/ 146. وقال فيه: تلا بالسبع عليه ولازمه أربع سنين، وأبي الفتح الكروخي، وأبي المظفر محمد بن علي الشيباني. وتلا في مصر بالسبع على الخطيب أبي الفتوح العلوي، وروى بها من أبي العباس أحمد بن عبد الله بن حطيئة اللخمي المقدسي سنة ثلاث وخمسين، وأخذ النحو والآداب عن أبي محمد بن بري وأبي الوليد بن خيرة القرطبي. وبالإسكندرية من أبي الحسن مقاتل بن عبد العزيز البرقي، وأبي الطاهر السلفي. ثم عاد إلى بلده بعلم كثير ورواية واسعة، فتصدر للإقراء وإسماع الحديث سنة ست وخمسين، فأخذ الناس عنه ورغبوا في السماع منه، واستجيز من البلاد، وكان مغيبه عن الأندلس في وجهته المشرقية نحو اثني عشر عاما.. وكان من جلة المقرئين وكبار المجودين، محدثا راوية عدلا، فاضل الأخلاق، جوادا سمحا كريم النفس، وله في القراءات مصنف نافع سماه: “العروس”.

[7] الذيل والتكملة، 5/200. وقال فيه: روى عن أبيه، وأبي الفضل عياض. روى عنه أبو الحسين بن جبير.كان محدثا عالي الرواية فاضلا.

[8] الذيل والتكملة، 3/125. وقال فيه: حدث عن أبي بكر ابن العربي، وأبي الحسن يونس بن مغيث، وأبي الحسين ابن الطلاء، وأبي حفص بن يحيى ابن صاحب الصلاة، وأبي عبد الله: ابن المناصف ومالك بن هلال، وأبي العباس بن محمد بن حاطب، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عفيفة، وأبي مروان الباجي، وأبي الوليد محمد بن يونس بن مغيث ببلده وبقرطبة وإشبيلية. روى عنه أبو البقاء يعيش، وأبو بكر محمد بن علي بن زيد أو يزيد الكاتب، وأبو زكريا المرجيقي؛ وكان مقرئا مجودا عارفا بطرق القراءات واختلاف القراء حسن الضبط لما يتولاه من ذلك، ذا حظ وافر من رواية الحديث، مبرزا في علم العربية، زاهدا فاضلا متواضعا، وخطب ببلده مدة وتصدر للإقراء به وولي الصلاة بجامعه، وصنف “الأمثال الكامنة في القرآن” وغير ذلك.

[9] الذيل والتكملة، 5/256. كان محدثا حافظا ذاكرا للحديث ورجاله وتواريخهم وطبقاتهم، ولم يكن في ضبطه بذلك، وحدث بالمشرق والمغرب. ومن مصنفاته: كتاب “المستفاد، في مناقب العباد، بمدينة فاس وما يليها من البلاد”، سفران، و”أدب المريد السالك والطريق إلى الواحد المالك”، ورسالة “البرهان في ذكر حنين النفوس إلى الأحبة والأوطان”، و”اللمعة، في ذكر أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – وأولاده السبعة”، و”الإنابة في ذكر طريق أهل الاستجابة”، في جزأين، و”الإيضاح عن طريق أهل الصلاح”، و”كشف أحوال المفتونين عن الدنيا بالدين”، و”بستان العابدين وريحان العارفين في ذكر أهل الصفوة والانقطاع إلى الله بالخلوة”، و”التعزية في المصائب والمرزية”، و”الأغذية مما جاء في الحديث”، و”تحفة الطالب ومنية الراغب في الأحاديث النبوية العلية السنية”، و”المنتقى من بهجة المجالس”، و”زاد الحاج في مناسك الحج”، و”الأربعون حديثا”، إلى غير ذلك.قال ابن الأبار: بلغني أنه دخل الأندلس وتوفي ببلده آخر سنة ثلاث أو أول أربع وست مئة.

[10] الذيل والتكملة 5/346. وقال فيه: روى قراءة وسماعا عن أبي الحجاج بن محمد ابن الشيخ، وأبي القاسم أحمد بن يوسف الجقالة وأجاز له، وسمع على أبي محمد بن محمد الحجري، وناوله وأجاز له. وعلى أبي عبد الله بن إبراهيم ابن الفخار، وأبي موسى عيسى بن عبد العزيز الجزولي قرأ عليه، ولم يذكر أنهما أجازا له. روى عنه أبو العباس بن محمد بن عبد الله بن العوام..

[11] الذيل والتكملة 3/262.وقال فيه: وكان محدثا راوية عدلا، وولي بعض الأعمال السلطانية فسار فيها أحمد سيرة ولم ينتقل عن عدالة وفضل وجلالة. وتوفي برباط الفتح سنة اثنتين وعشرين وست مئة. الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة 3/262

[12] التكملة لكتاب الصلة 5/ 260. وقال فيه: روى عن أبي الخطاب عم أمه، وأبي الحجاج بن نموي، وأبي الحسن ابن خروف، وأبي الصبر الفهري، وأبي علي الرندي، وأبي محمد: ابن حوط الله وابن عبيد الله. حدث عنه بالإجازة صاحبنا أبو مروان بن موسى ابن الكمال، وكان محدثا وافر الحظ من معرفة أصول الفقه والنحو. وتوفي بشريش مغربا عن وطنه.

[13] معرفة أنواع علوم الحديث، ص: 16.

[14] تاريخ ابن خلدون، 1/ 561.

[15] التوبة: 122.

[16] مثل الغازي بن قيس القرطبي قال فيه القاضي عياض: من أهل قرطبة. أموي يكنى أبا محمد. رحل قديماً فسمع من مالك الموطأ وسمع من ابن أبي ذئب وابن جريج والأوزاعي وثور بن يزيد ومحمد ابن وردان، وهو أول من أدخل موطأ مالك وقراءة نافع الأندلس فيما قاله أبو عمرو المقرئ. قال: وشهد مالكاً وهو يؤلف الموطأ ظاهراً، وانصرف إلى الأندلس بعلم عظيم، نفع الله به أهلها. وكان الغازي يقدم أو يؤخر فيرد عليه ذلك. وقصد قارئاً يوماً أن يقدم من أبواب الموطأ ويؤخرها، ليرى الناس حفظ الغازي فأنكر ذلك عليه، وقال إن عدت، لا تقرأ. إنما تريد أن تري الناس ما يكن يريد حفظه. روى عنه ابنه وابن حبيب وأصبغ بن خليل وعثمان بن أيوب، وقيل إنه عرض عليه القضاء فأبى…وكان إمام الناس بها في القراءة. قال أبو عمر المقرئ: وكان جيداً فاضلاً عالماً أديباَ ثقة مأموناً. قال أحمد بن عبد البر: كان عاقلاً نبيلاً يروي حديثاً كثيراً ويتفقه في المسائل، رأساً في علم القرآن، متهجداً بالقرآن كثير الصلاة بالليل، وتوفي فيها قبل سنة تسع وتسعين ومائة. ترتيب المدارك وتقريب المسالك 3/ 113. وانظر إفادة النصيح ص 60.

وأبو عبد الله زياد بن عبد الرحمان يلقب بشبطون القرطبي. قال القاضي عياض: هو زياد بن عبد الرحمان ابن زهير بن ناشدة بن لوذان من حي ابن أخطب بن الحارث بن وائل اللخمي وقد قيل إنه من ولد حاطب بن أبي بلتعة. سمع من مالك الموطأ، وله عنه في الفتاوى كتاب سماع معروف بسماع زياد، وسمع من معاوية بن صالح القاضي، وكان صهره زياد، على ابنته. وروى عن عبد الله بن عقبة والليث بن سعد وسليمان بن بلال وعبد الله بن عبد الرحمان وعبد الرحمان بن أبي الزناد وعبد الله بن عمر العمري ويحيى ابن أيوب وأبي معشر وموسى بن علي ومحمد بن عبد الله بن عمر الليثي والقاسم بن عبد الله وإسماعيل بن داود وهارون بن عبد الله ومحمد بن أبي سلمة العمري وأبي معمر صاحب أنس، وعبد الرحمان بن أبي بكر بن أبي مليكة وابن أبي داود وسفيان بن عيينة وعمرو بن قيس وابن أبي حازم، وروى عنه يحيى بن يحيى الموطأ، وسماعه من مالك قبل رحلته من الأندلس، فأشار عليه زياد بالرحيل إلى مالك ما دام حياً، وأخذه عنه، ففعل. وكان زياد أول من أدخل إلى الأندلس موطأ مالك، مثقفاً بالسماع منه، ثم تلاه يحيى بن يحيى. قال يحيى بن يحيى: زياد أول من أدخل الأندلس علم السنن ومسائل الحلال والحرام، ووجوه الفقه والأحكام وهو أول من عرف بالسنة في تحويل الأردية في الاستسقاء، وصاحب الصلاة إذ ذاك المصعب بن عمران فأنكر ذلك. وقال هذا مذر مشر. قال يحيى: فخرجت بعد ذلك إلى المشرق، ولقيت مالك بن أنس، والليث بن سعد، ومن دونهما، فوجدت سنة تحويل الأردية عندهم معروفة فاشية. قال الشيرازي: كان أهل المدينة يسمون زياداً فقيه الأندلس. وحكى ابن حارث أنه كانت له إلى مالك رحلتان: إحداهما حين اجتمع به معاوية بن صالح… ترتيب المدارك وتقريب المسالك 3/ 116.

ثم يحيى بن يحيى الليثي جاء في ترتيب المدارك: قال الرازي: كان سبب طلب يحيى بن يحيى العلم، أنه كان يمر بزياد وهو يقول على أصحابه. فيميل إليه ويقعد عنده، فأعجبه ذلك زياداً، وأدناه يوماً، وقال له: يا بني إن كنت عازماً على التعلم فخذ من شعرك وأصلح زيك. وكان يرى الخدمة، ففعل ذلك بحين، فسر به زياد واجتهد بتعليمه حتى برع تلاميذه. ثم قال له زياد بعد مدة: إن الرجال الذين حملنا العلم عنهم، يدفنون. وعجز بك أن تروي عمن دونهم. فخرج يحيى، بعد أن استسلف زياد له مالاً. إذ رغب من مال أبيه، فحج وسمع مالكاً، والليث. وكان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين. السنة التي مات فيها مالك. وانصرف إلى الأندلس، فلم يلبث إلا يسيراً حتى هلك أبوه بمحله بالجزيرة. فأخذ ما طاب من مال أبيه، ثم عاد، فحج ولقي جملة أصحاب مالك، ثم انصرف. وذكر مثل هذا ابن حارث: إنه كانت ليحيى رحلتان من الأندلس. سمع في أولهما من مالك والليث وابن وهب، واقتصر في الأخرى على ابن القاسم وبه تفقه. ترتيب المدارك وتقريب المسالك 3/ 380

[17] مثال مراعاة الأوجه قول القاضي عياض في كلمة: (جواثي) بضم الجيم وفتح الواو مخففة كذا ضبطها الأصيلي بغير همز، وهمزه بعضهم وبعد الألف ثاء مثلثة مقصورة مدينة بالبحرين هو أول موضع جمعت فيه الجمعة بعد المدينة. وقوله في باب (أت ن) 1/16: قوله: “أتيت على أتان فأرسلت الأتان ترتع”، هي الأنثى من الحمر، مفتوحة الهمزة، وجاء في بعض روايات البخاري على حمار أتان، كذا ضبطها الأصيلي بتنوين الحرفين. مشارق الأنوار 1/88

[18] ومن أمثلة تصحيح الأصيلي لبعض ألفاظ نسخته ضربه على كلمة ” نافع” ليثبت مكانها “عبد الله بن دينار” في قول البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: «ذكر عمر لرسول الله أنه يصيبه جنابة من الليل. الحديث». قال يوسف بن حسن جمال الدين، ابن المِبْرَد الحنبلي (المتوفى: 909هـ) في هذا الإسناد:  كذا رواه أبو زيد المروزي، وأسقط ابن السكن في روايته عن الفربري، عن البخاري عبد الله بن دينار، بين مالك، وابن عمر، وزاد نافع بعد مالك، ولعله كان في نسخة الأصيلي عن أبي أحمد غير أنه ضرب على نافع وكتب فوقه عبد الله بن دينار، ورواية أبي ذر عن شيوخه الثلاثة كرواية أبي زيد، وكلا القولين صواب والحديث محفوظ لمالك عن نافع، وعبد الله بن دينار جميعا عن ابن عمر، وممن رواه عن مالك عن نافع إسحاق بن الطباع، وخالد بن مخلد، وأبي بكر، وسعيد بن نمير، إلا أنه أشهر برواية عبد الله بن دينار.

الاختلاف بين رواة البخاري 1/11. ومثله قوله في حديث البخاري: حدثنا الفضل بن يعقوب الرخامي، عن عبد الله بن جعفر الرقي، عن معتمر بن سليمان، عن سعيد بن عبيد الله الثقفي، عن بكر بن عبد الله المزني، وزياد بن جبير بن حية، عن جبير بن حية، عن المغيرة بن شعبة، قال: «أخبرنا نبينا عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة» .الحديث: في هذا الإسناد موضعان أحدهما قوله: سعيد بن عبيد الله الثقفي في نسخة أبي زيد: سعيد بن عبد الله، وكذلك كان في نسخة أبي محمد الأصيلي إلا أنه أصلحه عبيد الله، فزاد ياء التصغير، وكتب في الحاشية: هو سعيد بن عبيد الله بن جبير بن حية، وكذلك رواه ابن السكن على الصواب، والموضع الآخر من الإسناد قوله معتمر بن سليمان، كان في أصل أبي محمد الأصيلي: معمر بن سليمان بفتح العين، ثم ألحق تاء بين العين والميم فصار معتمر، وهو المحفوظ.  الاختلاف بين رواة البخاري 124.

[19] انظر تذكرة الحفاظ 3/153

[20] من أمثلة ذلك كتابة الأصيلي في حاشية نسخته على اسم “إبراهيم بن سويد” الوارد في حديث قول البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن إبراهيم بن سويد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه «دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة». إبراهيم بن سويد هو ابن بولا.  قال يوسف بن حسن جمال الدين، ابن المِبْرَد الحنبلي: كتب الأصيلي بخطه في حاشية الكتاب: إبراهيم بن سويد هو ابن بولا، وذلك وهم منه، وابن هو ابن سويد بن حيان المدني، وإبراهيم بن سويد هذا يروي عن ابن بولا فاختلط عليه. ذكر البخاري في تاريخه هلال بن يسار بن بولا، سمع أنس بن مالك، روى عنه إبراهيم بن سويد بن حيان، وبولا بباء موحدة مضمومة. انظر الاختلاف بين رواة البخاري 29: ومنه كتابته على اسم هشام في قول البخاري: حدثنا حفص بن عمر الحوضي، عن هشام، عن قتادة، عن أنس، قال: «لأحدثنكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وذكر بقية الحديث: في كتب بعض أصحابنا عن أبي زيد هشام، وما أراه صحيحا. قال ابن المبرد:  وقع في نسخة الأصيلي، عن أبي أحمد الجرجاني بين عمرو وقتادة همام بدل هشام، وكتب الأصيلي في حاشية كتابه: في كتب بعض أصحابنا عن أبي زيد هشام، وما أراه صحيحا انتهى، بل هو صحيح، قال الغساني: وهكذا رواه أبو علي بن السكن وأبو ذر عن مشايخه الثلاثة، وكذلك في نسخة عن النسفي، وهو المحفوظ. انظر الاختلاف بين رواة البخاري 1/29

[21] ترتيب المدارك 7/139

[22] قال ابن خير الإشبيلي 70: وحدثني به بهذه الرواية أيضا الشيوخ الجلة الفقهاء المشاورون أبو القاسم أحمد ابن محمد بن أحمد بن بقي رحمه الله قراءة عليه بلفظي وأبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث رحمه الله سماعا عليه والقاضي أبو عبد الله محمد بن أصبغ بن محمد بن محمد بن أصبغ الأزدي رحمه الله قراءة عليه والشيخ أبو الأصبغ عيسى بن محمد بن أبي البحر الزهري سماعا عليه أيضا قالوا كلهم حدثنا به الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن فرج المشهور بابن الطلاع أما ابن مغيث وحده فقرأه عليه وأما الباقون فسمعوه عليه وحدثهم به عن القاضي أبي الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث سماعا عليه قال حدثني به أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى سماعا عليه من عم أبيه أبي مروان عبيد الله بن يحيى ابن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى عن مالك رحمه الله وحدثني بهذه الرواية أيضا الشيخ المحدث الضابط أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن طاهر القيسي رحمه الله قراءة عليه في كتابي وهو يمسك علي أصل كتابه الذي خطه بيده من كتاب أبي محمد الأصيلي الذي كان بخط يده.

[23] قال القاضي عياض في مشارق الأنوار 1/27: قوله: إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها كذا الأكثر هو بكسر الراء وكذا قيدناه عن شيوخنا في هذه الكتب وغيرها وكذا قيده الأصيلي بخطه وزادني ابن سراج يأرز بالضم وقيده بعضهم عن كتاب القابسي يأرز بالفتح وحكي عنه أنه هكذا سمعه من المروزي ومعناه ينضم ويجتمع وقيل يرجع كما جاء في الحديث الآخر ليعودن كل إيمان إلى المدينة.

[24] قال القاضي عياض في مشارق الأنوار 1/12 باب (أب ن): وقوله ما كنا نابنه برقية بضم الباء أي نتهمه ونذكره ونصفه بذلك كما جاء في الرواية الأخرى نظنه وأكثر ما يستعمل في الشر وقال بعضهم لا يقال إلا في الشر وقيل يقال في الخير والشر وهذا الحديث يدل عليه وفي الحديث الآخر أبنوا أهلي وابنوهم كلاهما بتخفيف الباء والنون وهو مما تقدم أي اتهموهم وذكروهم بالسوء ووقع في كتابي عن الأصيلي ابنوهم مشدد الباء وكلاهما صواب. وقال في 1/17: في حديث عبد الله بن عبد الوهاب كنا عند أبي موسى فأتى ذكر دجاجة كذا لأبي ذر والنسفي ولبعضهم بفتح الهمزة وكسر الدال وعند الأصيلي فأتى ذكر دجاجة بضم الهمزة على ما لم يسم فاعله وذكر فعل ماض وهذا أشبه كما قال في غير هذا الباب فأتى بلحم دجاج وبدليل قوله في هذا الحديث فدعاه للطعام كأنه شك الراوي بما أتى به لكنه ذكر أن فيه دجاجة. وقال في 1/20: في أيام الجاهلية أن رجلا من بني هاشم استأجر رجلا من قريش كذا لهم وعند الأصيلي وحده استأجره رجل وهو الصواب وعليه يدل بقية الحديث.

[25] قال القاضي عياض في مشارق الأنوار 1/15: في باب كراهية أن تعرى المدينة وقال ابن زريع عن روح ابن القاسم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن حفصة كذا في أصل الأصيلي ثم غيره وكتب عن أمه لأبي زيد وكذا عند النسفي وأبي ذر وقول البخاري بعد هذا وقال هشام عن زيد عن أبيه يدل أن رواية روح عن أمه كما روته الجماعة.

[26] من ذلك قوله في مشارق الأنوار 1/37: قوله أما لا وقع هذا اللفظ في الصحيحين في مواضع بكسر الهمزة وتشديد الميم وهو هكذا صحيح ولا مفتوحة عند أكثرهم وكذا ضبطناه عن شيوخنا وعن جمهور الرواة ووقع عند الطبري أما لي مكسور اللام وكذا ضبطه الأصيلي في جامع البيوع والمعروف فتحها وقد منع من كسرها أبو حاتم وغيره ونسبوه إلى العامة لكن هذا خارج جائز على مذهب كثير من العرب في الإمالة وأن يجعل الكلمة كلها كأنها كلمة واحدة وقد رواه بعض الرواة بفتح الهمزة وهو خطأ إلا على لغة بعض بني تميم التي ذكرنا أنهم يفتحون همزة أما التي للتخيير.

[27] قال القاضي عياض في باب (أخ ر) من مشارق الأنوار 1/21: وقوله أن الآخر زنى بقصر الهمزة وكسر الخاء هنا كذا رويناه عن كافة شيوخنا وبعض المشايخ يمد الهمزة وكذا روي عن الأصيلي في الموطأ وهو خطأ.

[28] الذيل والتكملة 4/260.

[29] البخاري برقم 3461

[30] مشيخة الإمام سراج الدين البلقيني 85

[31] مسلم في المقدمة 14

[32] مسلم في المقدمة 14 وتاريخ بغداد 6/166 وشرح العلل لابن رجب 1/359

[33] الإسناد من الدين 17

[34] قال الحاكم عقب قوله ابن المبارك: لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء قال أبو عبد الله فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث وقلب الأسانيد فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بترا. معرفة علوم الحديث 6

[35] انظر مشيخة الإمام القزويني 86 ـ 87 ـ 88 بتصرف يسير

[36] فهرسة ابن خير الإشبيلي ص: 41.

[37] فهرسة ابن خير الإشبيلي ص: 18.

[38] ترتيب المدارك 2/69.

[39] ترتيب المدارك 2/69.

[40] شرط القراءة على الشيوخ للحافظ السلفي، ص: 63.

[41] الكامل لابن عدي، 1/18.

[42] شرح الشيخ أبي بكر الأبهري البغدادي لكتاب الجامع لعبد الله بن عبد الحكم المصري المالكي، ص: 95.

[43] شرح الشيخ أبي بكر الأبهري البغدادي لكتاب الجامع لعبد الله بن عبد الحكم المصري المالكي، ص: 95.

[44] الحلية 6/318 والتعديل والتجريح 2/769 وشرح العلل لابن رجب، ص: 113.

[45] المعرفة والتاريخ 1/684، والكامل 1/92، والكفاية 116، وسير أعلام النبلاء 8/67، وإتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، ص: 82.

[46] الجامع لابن أبي زيد القيرواني، ص 146.

[47] التمهيد، 22/245، والاستذكار، 2/422.

[48] التمهيد 22/248، وانظر الاستذكار 2/424 و5/128.

[49] التمييز، ص 174.

[50] التمييز للإمام مسلم، ص: 174.

[51] شرح العلل، ص 108.

[52] التمييز لمسلم، ص 174.

[53] مسلم برقم 19 والجمع بين الصحيحين لعبد الحق الإشبيلي 1/116، وانظر التمييز لمسلم، ص 173.

[54] أحمد 5/138 برقم 5610 والتمييز لمسلم، ص 173.

[55] أسماء شيوخ مالك، ص 401.

[56] شرح العلل، ص 108.