البيان الختامي لأشغال الندوة العلمية الدولية في موضوع: “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”



البيان الختامي لأشغال الندوة العلمية الدولية في موضوع: “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”

البيان الختامي لأشغال الندوة العلمية الدولية في موضوع: “ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي “

أيام 19-20-21 ذو الحجة 1444هـ/ الموافق لـ 8-9-10 يوليوز 2023م

مراكش، المملكة المغربية

 

بيان المؤسسة

بيان مستخلص من الرسالة السامية التي وجهها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله إلى المشاركين في الندوة الدولية: ” ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي ” التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة

بسم الله الرحمن الرحيم وصل اللهم وسلم على من بعثته قائما بأمر الدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛ فالحمد لله الذي أسبغ نعمة الإمامة العظمى على مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبحكم ما ناطه الله به من أمر خدمة الإسلام والمسلمين في المملكة المغربية وبقية البلدان الإفريقية وغيرها من الدول الإسلامية؛ فقد اقتضى نظره السديد إنشاء مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، للتعريف بالدين وتوحيد كلمة المسلمين.

وفي ختام أعمال الندوة العلمية في موضوع:

“ضوابط الفتوى الشرعية في السياق الإفريقي”

فإن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تعلن الآتي:

أولا: التوجه إلى الله تعالى بالشكر على ما هدى إليه من اجتماع العلماء المفتين حول هذا الموضوع البالغ الأهمية والخطورة؛

ثانيا: الابتهاج بالحصيلة العلمية الراقية للعروض المقدمة وللمناقشات التي أعقبتها؛

ثالثا: إجماع العلماء المفتين الحاضرين على جعل مضمون الرسالة الملكية السامية بمثابة خريطة طريق للعمل مستقبلا في خدمة الإفتاء الشرعي المنضبط ولاسيما ما جاء في الرسالة الملكية بخصوص التوجيهات الآتية:

1- التزام مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة الدائم بالأهداف التي رسمها لها مؤسسها مولانا أمير المؤمنين حفظه الله، وعلى رأسها توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين من المغرب وباقي البلدان الإفريقية الإسلامية للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها؛

2- القيام بمبادرات من شأنها تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والاجتهاد في كل إصلاح تتوقف عليه عملية التنمية في إفريقيا؛

3- استيعاب التراث الغني المتمثل فيما رسخه السلف الصالح عبر القرون من الروابط المتينة والمتعددة الأبعاد بين المملكة المغربية وبلدان إفريقيا؛

4- التواصل بين إمارة المؤمنين بالمغرب وبين مشيخات طرق التصوف في البلدان الإفريقية الذي امتد عبر قرون ولا يزال؛

5- المسؤولية التي يتحملها علماء الدين على الدوام مسؤولية عظمى، وقد ازدادت أهميتها وخطورتها في هذا العصر، وهي أمانة جسيمة أمام الله وإزاء الناس الذين ينظرون إلى العلماء على أنهم المرجعية الوثقى في تبليغ دين الله أولا، وفي حسن تنزيل مقاصده على أحوال الناس ثانيا؛

6- العلماء مطالبون بالتأثير الإيجابي في الناس؛ وذلك بأن يبينوا لهم محاسن الوسطية والاعتدال، وأن يقوموا مقابل ذلك بنفي التأثير السلبي للأصناف المتطرفة الجاهلة في عقول الأبرياء، لاسيما وهؤلاء المنحرفون يدرجون جل كلامهم عن الدين في صنف الإفتاء والفتوى لما لها من القدسية في أذهان الناس؛

7- إنشاء إطار مؤسسي للتواصل بين العلماء والفقهاء والمفتين لمواكبة التحديات المستجدة المرتبطة بتطور الحياة الاجتماعية والحضارية؛

8- التمييز بين الفتوى التي تمت مأسستها في هيئة علمية مختصة تفتي في الأمور ذات الصلة بالحياة العامة، وبين ما يقوم به العلماء كأشخاص بإرشاد الناس وبيان الأحكام الدينية المقررة، وهو ما ينبغي الأخذ به في كل بلد من البلدان الإفريقية وهو جعل الفتوى في الشأن العام موكولة لمؤسسة جماعية من العلماء العدول الوسطيين الذين يلتزمون بثوابت بلدهم ومذهبهم الشرعي؛

9- إدماج الواقع المعيش في الدين الذي ابتكر فيه علماء المملكة المغربية مفهوم ما جرى به العمل؛ ومعناه مراعاة الممارسات الثقافية الفضلى للناس وعدد من عوائدهم الاجتماعية ومصالحهم الدنيوية المنسجمة مع توجيهات الدين؛

10- تبادل الأنظار لاسيما فيما يتعلق بفقه الواقع وتدوين نتائج البحوث في مختلف أنواع الحوامل الإلكترونية المتاحة، والاستعانة بالخبراء من خارج الاختصاص في العلوم الشرعية؛

11- إشراك النساء العالمات في كل جوانب هذه المبادرة المتعلقة بضبط الفتوى وغيرها، لأن النساء في ديننا شقائق الرجال؛

12- استغلال حسنات التواصل لضمان الاستمرار في التداول حول موضوع الندوة، ولتبادل التجارب بين البلدان الإفريقية، مع الاحتفاظ بحق كل بلد في مراعاة خصوصياته.

وبعد هذا تعلن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة أمرين:

أولهما: أنها ستنشر وتترجم بمختلف اللغات الرسمية للمؤسسة أعمالَ الندوة في أقرب وقت على مختلف أنواع الحوامل الالكترونية؛

ثانيهما: أنها ستُنشئ موقعا إلكترونيا باسم ”مُجَمَّع المفتين الأفارقة” لكي يستمر عليه التداول بين أهل الاختصاص لما فيه من تنوير وتفهيم الناس في أمور دينهم.

وفي ختام هذا البيان، وبعد التواصل مع السادة العلماء والسادة رؤساء فروع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، فإن المؤسسة تتوجه بنداء أخوة وتراحم إلى كل المتدخلين من خارج إفريقيا في الشأن الديني لبلدان هذه القارة حتى يكفوا عن التأثير على العقيدة التي اختارها الأفارقة بفطرتهم، وهم أحرص الناس على التحقق بتوحيد الله على أساس اجتهادات كبار علماء السنة، وكذا الكف عن التأثير على المذاهب الفقهية السنية التي شكلت عبر القرون ثوابت الممارسة الدينية عند أهل البلدان الإفريقية؛ فإن فَعَلَ هؤلاء المتدخلون ذلك نجوا وأنجوا من الفتنة التي أمر الله تعالى المؤمنين المخلصين باتقائها، ونحن نرى في عصرنا ما يجره هذا التأثير على المسلمين الذين هم أحوج ما يكونون إلى السلم واليقين وإظهار الإسلام على ما ينبغي أمام العالم. والداعي إلى هذا النداء الأخوي هو كون الإفتاء على الثوابت السنية للأفارقة قد عانى من التدخل الذي جر بعض أبناء هذه البلدان إلى التطرف والإرهاب وإراقة دماء الأبرياء.

ثم إن مؤسسة محمد السادس لعلماء الأفارقة تتوجه بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى السادة العلماء والمفتين والضيوف القادمين من مختلف القارات، ونخص بالذكر:

• ممثلي الدول الأوروبية وعلى رأسهم المشيخات العلمية والأكاديمية الإسلامية الذين عبروا عن رغبتهم في التعاون والتنسيق وتبادل التجارب. وبهذا الصدد تثمن المؤسسة حضور أعضاء المجلس العلمي المغربي لأروبا، وممثلي هيئات الشأن الديني المغربي بها؛

• كما نخص بالذكر السادة العلماء والمفتين القادمين من الدول العربية والإفريقية والآسيوية الذين حضروا هذا المحفل العلمي الكبير وأغنوه ببحوثهم السديدة وملاحظاتهم المفيدة.

وخير ما نختم به هذا البيان تضرع السادة العلماء والسيدات العالمات المشاركين في هذه الندوة إلى الباري تعالي أن يشمل بعنايته مولانا أمير المؤمنين حامي حمى الملة والدين جلالة الملك محمدا السادس نصره الله رئيس المؤسسة الساهر على حراسة الدين وتوحيد جهود علماء المسلمين، وأن يديم الأمن والسلام على البلدان الإسلامية في كافة أرجاء المعمورة، والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.