من خطاب العرش لسنة 2000




من خطاب العرش لسنة 2000م

يغمرنا شعور مفعم بالغبطة والتأثر ونحن نخاطبك في هذا اليوم الذي نحتفي فيه جميعا بالذكرى الأولى لاعتلائنا عرش أسلافنا الميامين مستخلفين لأداء الرسالة وحمل الأمانة سائرين على نهجهم القويم في قيادتك وإعلاء شأنك والارتقاء بك. وإنها لخير مناسبة لتأكيد الوفاء الصادق الذي تبادلناه وتجديد العهد المقدس الذي يلحم بيننا بأواصر البيعة الشرعية التي تطوق عنقك وعنقنا متجذرة عبر ثلاثة عشر قرنا من تاريخنا الحافل المجيد مشدودة إلى العصر الحديث برباط دستوري ديموقراطي متجدد.

ذلك ما لمسناه وما شهد به التاريخ المعاصر عندما اختار الله لجواره والدنا المنعم مولانا الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وأكرم مثواه حيث كان التحامك بوارث سره للنهوض بأمانة استخلافه في خدمتك خير وفاء لذكراه العطرة. فبهذا الوفاء المتبادل وتجديد العهد الصادق تغلبنا على محنة فراقه متآزرين …

وبالرؤية نفسها نظرنا إلى الشأن الديني فاتخذنا بصدده تدابير جديدة وأصدرنا تعليماتنا السديدة كي يأخذ مجراه الذي تستوجبه وظائف الإمامة العظمى والتزامات أمير المؤمنين الراعي الأمين لجميع متطلبات هذا الشأن في نطاق وسطية الإسلام واعتداله وتسامحه وكونه دين العلم والحياة الداعي باستمرار إلى التجديد والتحديث بما يتلاءم مع روحه العالية ومبادئه السامية ومقتضيات التطور الوقتية.

وباعتبارنا أميرا للمؤمنين فقد أولينا عناية خاصة لقضايا الإسلام والمسلمين وتصحيح صورة الإسلام لدى الآخر، وبيان حقيقته السمحة المعتدلة والسليمة. وبتنسيق مع أخينا الرئيس ياسر عرفات وبصفتنا رئيسا للجنة القدس الشريف فقد ألححنا لدى كل رؤساء الدول والحكومات الذين قابلناهم على ضرورة وقف تهويد هذه المدينة الشهيدة والحفاظ لها على دورها التاريخي كفضاء مقدس لتساكن الديانات السماوية الثلاث.

وفي خضم هذه الانشغالات الوطنية والجهوية والدولية فقد ظلت قضية الطي النهائي لملف استكمال وحدتنا الترابية في طليعة ما نهضت به جلالتنا من مهام الإمامة العظمى اعتبارا للإجماع الوطني حول قدسية وحدتنا الترابية لعلاقة أبناء أقاليمنا الجنوبية بالعرش العلوي المجيد إذ كانوا في مقدمة المبايعين لجلالتنا وفي صلب الالتحام بين العرش والشعب.

وقد حرصنا خلال لقائنا بقداسة البابا يوحنا بولس الثاني على تأكيد إرادتنا الراسخة كأمير للمؤمنين في العمل سويا مع قداسته من أجل تعايش الديانات السماوية والحوار المثمر بين الإسلام والمسيحية ضمن كلمة سواء لا نعبد فيها إلا الله وننتصر فيها لقيمها النبيلة القائمة على الحرية والسلام والعدل والفضيلة.

وفي خضم هذه الانشغالات الوطنية والجهوية والدولية فقد ظلت قضية الطي النهائي لملف استكمال وحدتنا الترابية في طليعة ما نهضت به جلالتنا من مهام الإمامة العظمى اعتبارا للإجماع الوطني حول قدسية وحدتنا الترابية لعلاقة أبناء أقاليمنا الجنوبية بالعرش العلوي المجيد إذ كانوا في مقدمة المبايعين لجلالتنا وفي صلب الالتحام بين العرش والشعب..